ﻋﺒﺎﺭﺓ ﻋﻦ ﻣﻘﺎﻣﻴﻦ

   ﺍﻟﻤﻘﺎﻡ ﺍلأﻭﻝ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

﴿إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾ (ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ:103)

    ﻗﺎﻝ ﻟﻲ ﺃﺣﺪﻫﻢ ﻳﻮﻣﺎ ﻭﻫﻮ ﻛﺒﻴﺮ ﺳﻨﺎ ﻭﺟﺴﻤﺎ ﻭﺭﺗﺒﺔ: «ﺇﻥّ ﺃﺩﺍﺀ ﺍﻟﺼـلاﺓ ﺣﺴﻦ ﻭﺟﻤﻴﻞ، ﻭﻟﻜﻦ ﺗﻜﺮﺍﺭﻫﺎ ﻛﻞ ﻳﻮﻡ، ﻭﻓﻲ ﺧﻤﺴﺔ ﺃﻭﻗﺎﺕ ﻛﺜﻴﺮ ﺟﺪﺍ ﻓﻜﺜﺮﺗﻬﺎ ﻫﺬﻩ ﺗﺠﻌﻠﻬﺎ ﻣﻤﻠّﺔ!..»

ﻭﺑﻌﺪ ﻣﺮﻭﺭ ﻓﺘﺮﺓ ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﻮﻝ، ﺃﺻﻐﻴﺖ ﺇﻟﻰ ﻧﻔﺴﻲ ﻓﺈﺫﺍ ﻫﻲ ﺃﻳﻀﺎ ﺗﺮﺩﺩ ﺍﻟﻜـلاﻡ ﻧﻔﺴﻪ!! ﻓﺘﺄﻣﻠﺖ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻠﻴّﺎ، ﻭﺇﺫﺍ ﺑﻬﺎ ﻗﺪ ﺃﺧﺬﺕ -ﺑﻄﺮﻳﻖ ﺍﻟﻜﺴﻞ- ﺍﻟﺪﺭﺱَ ﻧﻔﺴَﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ، ﻓﻌﻠﻤﺖُ ﻋﻨﺪﺋﺬ ﺃﻥّ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻛﺄﻧﻪ ﻗﺪ ﻧﻄﻖَ ﺑﺘﻠﻚ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ﺑﻠﺴﺎﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﻨﻔﻮﺱ ﺍلأﻣﺎﺭﺓ ﺑﺎﻟﺴﻮﺀ، ﺃﻭ ﺃُﻧﻄﻖ ﻫﻜﺬﺍ. ﻓﻘﻠﺖ ﻣﺎ ﺩﺍﻣﺖ ﻧﻔﺴﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺑﻴﻦ ﺟﻨﺒﻲّ ﺃﻣَّﺎﺭﺓ ﺑﺎﻟﺴﻮﺀ ﻓـلاﺑﺪ ﺃﻥ ﺃﺑﺪﺃ ﺑﻬﺎ ﺃﻭلا لأﻥّ ﻣَﻦ ﻋﺠﺰ ﻋﻦ ﺇﺻـلاﺡ ﻧﻔﺴﻪ ﻓﻬﻮ ﻋﻦ ﻏﻴﺮﻫﺎ ﺃﻋﺠﺰُ، ﻓﺨﺎﻃﺒﺘﻬﺎ:

ﻳﺎ ﻧﻔﺴﻲ!.. ﺍﺳﻤﻌﻴﻬﺎ ﻣﻨﻲ «ﺧﻤﺲ ﺗﻨﺒﻴﻬﺎﺕ» ﻣﻘﺎﺑﻞ ﻣﺎ ﺗﻔﻮﻫﺖِ ﺑﻪ ﻭﺃﻧﺖِ ﻣﻨﻐﻤﺴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻬﻞ ﺍﻟﻤﺮﻛﺐ ﺳﺎﺩﺭﺓ ﻓﻲ ﻧﻮﻡ ﺍﻟﻐﻔﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﻓﺮﺍﺵ ﺍﻟﻜﺴﻞ.

   ﺍﻟﺘﻨﺒﻴﻪ ﺍلأﻭﻝ

    ﻳﺎ ﻧﻔﺴﻲ ﺍﻟﺸﻘﻴﺔ! ﻫﻞ ﺇﻥّ ﻋﻤﺮﻙِ ﺃﺑﺪﻱّ؟ ﻭﻫﻞ ﻋﻨﺪﻙ ﻋﻬﺪ ﻗﻄﻌﻲ ﺑﺎﻟﺒﻘﺎﺀ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﻤﻘﺒﻠﺔ ﺑﻞ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻐﺪ؟ ﻓﺎﻟﺬﻱ ﺟﻌﻠﻚِ ﺗﻤﻠّﻴﻦ ﻭﺗﺴﺄﻣﻴﻦ ﻣﻦ ﺗﻜﺮﺍﺭ ﺍﻟﺼـلاﺓ ﻫﻮ ﺗﻮﻫﻤﻚِ ﺍلأﺑﺪﻳﺔ ﻭﺍﻟﺨﻠﻮﺩ، ﻓﺘﻈﻬﺮﻳﻦ ﺍﻟﺪلاﻝ ﻭﻛﺄﻧﻚ ﺑﺘﺮﻓﻚ ﻣﺨﻠّﺪﺓ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ. ﻓﺈﻥ ﻛﻨﺖ ﺗﻔﻬﻤﻴﻦ ﺃﻥّ ﻋﻤﺮﻙِ ﻗﺼﻴﺮ، ﻭﺃﻧّﻪ ﻳﻤﻀﻲ ﻫﺒﺎﺀ ﺩﻭﻥ ﻓﺎﺋﺪﺓ، ﻓـلا ﺭﻳﺐ ﺃﻥّ ﺻﺮﻑ ﺟﺰﺀ ﻣﻦ ﺃﺭﺑﻌﺔٍ ﻭﻋﺸﺮﻳﻦ ﻣﻨﻪ ﻓﻲ ﺃﺩﺍﺀ ﺧﺪﻣﺔ ﺟﻤﻴﻠﺔ ﻭﻭﻇﻴﻔﺔ ﻣﺮﻳﺤﺔ ﻟﻄﻴﻔﺔ، ﻭﻫﻲ ﺭﺣﻤﺔ ﻟﻚ ﻭﻭﺳﻴﻠﺔ ﻟﺤﻴﺎﺓ ﺳﻌﻴﺪﺓ ﺧﺎﻟﺪﺓ، لا ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺪﻋﺎﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻠﻞ ﻭﺍﻟﺴﺄﻡ، ﺑﻞ ﻭﺳﻴﻠﺔ ﻣﺜﻴﺮﺓ ﻟﺸﻮﻕ ﺧﺎﻟﺺ ﻭﻟﺬﻭﻕٍ ﺭﺍﺋﻊ ﺭﻓﻴﻊ.

   ﺍﻟﺘﻨﺒﻴﻪ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ

    ﻳﺎ ﻧﻔﺴﻲ ﺍﻟﺸﺮﻫﺔ! ﺇﻧﻚِ ﻳﻮﻣﻴﺎ ﺗﺄﻛﻠﻴﻦ ﺍﻟﺨﺒﺰ، ﻭﺗﺸﺮﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﺎﺀ، ﻭﺗﺘﻨﻔﺴﻴﻦ ﺍﻟﻬﻮﺍﺀ، ﺃﻣَﺎ ﻳﻮﺭﺙ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻜﺮﺍﺭ ﻣﻠـلا ﻭﺿﺠﺮﺍ؟ ﻛـلا ﺩﻭﻥ ﺷﻚ! لأﻥّ ﺗﻜﺮﺍﺭَ ﺍﻟﺤﺎﺟﺔ لا ﻳﺠﻠﺐ ﺍﻟﻤﻠﻞ ﺑﻞ ﻳﺠﺪّﺩ ﺍﻟﻠﺬﺓ. ﻟﻬﺬﺍ ﻓﺎﻟﺼـلاﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺠﻠﺐ ﺍﻟﻐﺬﺍﺀ ﻟﻘﻠﺒﻲ، ﻭﻣﺎﺀ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻟﺮﻭﺣﻲ، ﻭﻧﺴﻴﻢ ﺍﻟﻬﻮﺍﺀ ﻟِﻠّﻄﻴﻔﺔ ﺍﻟﺮﺑﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﻜﺎﻣﻨﺔ ﻓﻲ ﺟﺴﻤﻲ، لاﺑﺪ ﺃﻧّﻬﺎ لا ﺗﺠﻌﻠﻚ ﺗﻤﻠّﻴﻦ ﻭلا ﺗﺴﺄﻣﻴﻦ ﺃﺑﺪﺍ.

ﻧﻌﻢ، ﺇﻥّ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﺍﻟﻤﺘﻌﺮﺽ لأﺣﺰﺍﻥ ﻭﺁلاﻡ لا ﺣﺪّ ﻟﻬﺎ، ﺍﻟﻤﻔﺘﻮﻥَ ﺑﺂﻣﺎﻝ ﻭﻟﺬﺍﺋﺬ لا ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻟﻬﺎ، لا ﻳﻤﻜﻨﻪ ﺃﻥ ﻳﻜﺴﺐ ﻗﻮﺓً ﻭلا ﻏﺬﺍﺀ ﺇلا ﺑﻄﺮﻕ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ، ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﺑﻜﻞ ﺗﻀﺮﻉ ﻭﺗﻮﺳﻞ.

ﻭﺇﻥّ ﺍﻟﺮﻭﺡ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺄﻏﻠﺐ ﺍﻟﻤﻮﺟﻮﺩﺍﺕ ﺍلآﺗﻴﺔ ﻭﺍﻟﺮﺍﺣﻠﺔ ﺳﺮﻳﻌﺎ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺍﻟﻔﺎﻧﻴﺔ، لا ﺗﺸﺮﺏ ﻣﺎﺀ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺇلا ﺑﺎﻟﺘﻮﺟﻪ ﺑﺎﻟﺼـلاﺓ ﺇﻟﻰ ﻳﻨﺒﻮﻉ ﺭﺣﻤﺔ ﺍﻟﻤﻌﺒﻮﺩ ﺍﻟﺒﺎﻗﻲ ﻭﺍﻟﻤﺤﺒﻮﺏ ﺍﻟﺴﺮﻣﺪﻱ.

ﻭﺇﻥ ﺍﻟﺴﺮ ﺍلإﻧﺴﺎﻧﻲ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺍﻟﺮﻗﻴﻖ ﺍﻟﻠﻄﻴﻒ، ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻠﻄﻴﻔﺔ ﺍﻟﺮﺑﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﻨﻮﺭﺍﻧﻴﺔ، ﻭﺍﻟﻤﺨﻠﻮﻕ ﻟﻠﺨﻠﻮﺩ، ﻭﺍﻟﻤﺸﺘﺎﻕ ﻟﻪ ﻓﻄﺮﺓً ﻭﺍﻟﻤﺮﺁﺓ ﺍﻟﻌﺎﻛﺴﺔ ﻟﺘﺠﻠﻴﺎﺕ ﺍﻟﺬﺍﺕ ﺍﻟﺠﻠﻴﻠﺔ، لاﺑﺪ ﺃﻧّﻪ ﻣﺤﺘﺎﺝ ﺃﺷﺪَّ ﺍﻟﺤﺎﺟﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﻨﻔﺲ، ﻓﻲ ﺯﺣﻤﺔِ ﻭﻗﺴﺎﻭﺓ ﻭﺿﻐﻮﻁ ﻫﺬﻩ ﺍلأﺣﻮﺍﻝ ﺍﻟﺪﻧﻴﻮﻳﺔ ﺍﻟﺴﺎﺣﻘﺔ ﺍﻟﺨﺎﻧﻘﺔ ﺍﻟﻌﺎﺑﺮﺓ ﺍﻟﻤﻈﻠﻤﺔ، ﻭﻟﻴﺲ ﻟﻪ ﺫﻟﻚ ﺇلا ﺑﺎلاﺳﺘﻨﺸﺎﻕ ﻣﻦ ﻧﺎﻓﺬﺓ ﺍﻟﺼـلاﺓ.

   ﺍﻟﺘﻨﺒﻴﻪ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ

    ﻳﺎ ﻧﻔﺴﻲ ﺍﻟﺠﺰﻋﺔ! ﺇﻧّﻚِ ﺗﻀﻄﺮﺑﻴﻦ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻣﻦ ﺗﺬﻛﺮ ﻋﻨﺎﺀ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺍﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻗﻤﺖ ﺑﻬﺎ ﻓﻲ ﺍلأﻳﺎﻡ ﺍﻟﻤﺎﺿﻴﺔ، ﻭﻣﻦ ﺻﻌﻮﺑﺎﺕ ﺍﻟﺼـلاﺓ ﻭﺯﺣﻤﺔ ﺍﻟﻤﺼﺎﺋﺐ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ، ﺛﻢ ﺗﺘﻔﻜﺮﻳﻦ ﻓﻲ ﻭﺍﺟﺒﺎﺕ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺍﺕ ﻓﻲ ﺍلأﻳﺎﻡ ﺍﻟﻤﻘﺒﻠﺔ ﻭﺧﺪﻣﺎﺕ ﺃﺩﺍﺀ ﺍﻟﺼﻠﻮﺍﺕ، ﻭﺁلاﻡ ﺍﻟﻤﺼﺎﺋﺐ، ﻓﺘﻈﻬﺮﻳﻦ ﺍﻟﺠﺰﻉ، ﻭﻗﻠﺔ ﺍﻟﺼﺒﺮ ﻭﻧﻔﺎﺩﻩ. ﻫﻞ ﻫﺬﺍ ﺃﻣﺮ ﻳﺼﺪﺭ ﻣﻤَّﻦ ﻟﻪ ﻣِﺴْﻜﺔ ﻣﻦ ﻋﻘﻞ؟

ﺇﻥّ ﻣﺜﻠﻚِ ﻓﻲ ﻋﺪﻡ ﺍﻟﺼﺒﺮ ﻫﺬﺍ ﻣﺜﻞُ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻘﺎﺋﺪ ﺍلأﺣﻤﻖ ﺍﻟﺬﻱ ﻭﺟَّﻪ ﻗﻮﺓً ﻋﻈﻴﻤﺔ ﻣﻦ ﺟﻴﺸﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺠﻨﺎﺡ ﺍلأﻳﻤﻦ ﻟﻠﻌﺪﻭ، ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﻟﺘﺤﻖ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺠﻨﺎﺡ ﻣﻦ ﺻﻔﻮﻑ ﺍﻟﻌﺪﻭ ﺇﻟﻰ ﺻﻔّﻪ، ﻓﺄﺻﺒﺢ ﻟﻪ ﻇﻬﻴﺮﺍ. ﻭﻭﺟّﻪ ﻗﻮﺗﻪ ﺍﻟﺒﺎﻗﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺠﻨﺎﺡ ﺍلأﻳﺴﺮ ﻟﻠﻌﺪﻭ، ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻫﻨﺎﻙ ﺃﺣﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻨﻮﺩ. ﻓﺄﺩﺭﻙ ﺍﻟﻌﺪﻭ ﻧﻘﻄﺔ ﺿﻌﻔﻪ ﻓﺴﺪﺩ ﻫﺠﻮﻣَﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻓﺪﻣّﺮﻩ ﻫﻮ ﻭﺟﻴﺸَﻪ ﺗﺪﻣﻴﺮﺍ ﻛﺎﻣـلا.

ﻧﻌﻢ، ﺇﻧﻚِ ﺗﺸﺒﻬﻴﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺎﺋﺪ ﺍﻟﻄﺎﺋﺶ، لأﻥّ ﺻﻌﻮﺑﺎﺕِ ﺍلأﻳﺎﻡ ﺍﻟﻤﺎﺿﻴﺔ ﻭﺃﺗﻌﺎﺑﻬﺎ ﻗﺪ ﻭﻟّﺖ، ﻓﺬﻫﺒﺖ ﺁلاﻣُﻬﺎ ﻭﻇﻠﺖ ﻟﺬّﺗﻬﺎ ﻭﺍﻧﻘﻠﺒﺖ ﻣﺸﻘﺘﻬﺎ ﺛﻮﺍﺑﺎ، ﻟﺬﺍ لا ﺗﻮﻟّﺪ ﻣﻠـلا ﺑﻞ ﺷﻮﻗﺎ ﺟﺪﻳﺪﺍ ﻭﺫﻭﻗﺎ ﻧﺪﻳّﺎ ﻭﺳﻌﻴﺎ ﺟﺎﺩﺍ ﺩﺍﺋﻤﺎ ﻟﻠﻤﻀﻲّ ﻭﺍلإﻗﺪﺍﻡ. ﺃﻣَّﺎ ﺍلأﻳﺎﻡ ﺍﻟﻤﻘﺒﻠﺔ، ﻓﻸ ﻧﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﺄﺕِ ﺑﻌﺪُ، ﻓﺈﻥّ ﺻﺮﻑ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺍلآﻥ ﻧﻮﻉ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻤﺎﻗﺔ ﻭﺍﻟﺒﻠﻪِ، ﺇﺫ ﻳﺸﺒﻪ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺒﻜﺎﺀُ ﻭﺍﻟﺼﺮﺍﺥ ﻣﻦ ﺍلآﻥ، ﻟﻤﺎ ﻗﺪ ﻳﺤﺘﻤﻞ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻄﺶ ﻭﺍﻟﺠﻮﻉ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ!..

ﻓﻤﺎ ﺩﺍﻡ ﺍلأﻣﺮ ﻫﻜﺬﺍ، ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻥ ﻟﻚ ﺷﻲﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻘﻞ، ﻓﻔﻜﺮﻱ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺑﺎﻟﺬﺍﺕ. ﻗﻮﻟﻲ ﺳﺄﺻﺮﻑ ﺳﺎﻋﺔ ﻣﻨﻪ ﻓﻲ ﻭﺍﺟﺐٍ ﻣﻬﻢ ﻟﺬﻳﺬ ﺟﻤﻴﻞ، ﻭﻓﻲ ﺧﺪﻣﺔٍ ﺳﺎﻣﻴﺔ ﺭﻓﻴﻌﺔ ﺫﺍﺕ ﺃﺟﺮ ﻋﻈﻴﻢ ﻭﻛﻠﻔﺔ ﺿﺌﻴﻠﺔ. ﻭﻋﻨﺪﻫﺎ ﺗﺸﻌﺮﻳﻦ ﺃﻥّ ﻓﺘﻮﺭَﻙ ﺍﻟﻤﺆﻟﻢ ﻗﺪ ﺗﺤﻮّﻝ ﺇﻟﻰ ﻫﻤﺔ ﺣﻠﻮﺓ، ﻭﻧﺸﺎﻁ ﻟﺬﻳﺬ.

ﻓﻴﺎ ﻧﻔﺴﻲ ﺍﻟﻔﺎﺭﻏﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﺒﺮ! ﺇﻧّﻚِ ﻣﻜﻠﻔﺔ ﺑﺜـلاﺛﺔ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﺒﺮ.

ﺍلأﻭﻝ: ﺍﻟﺼﺒﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﺎﻋﺔ.

ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ: ﺍﻟﺼﺒﺮ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻌﺼﻴﺔ.

ﻟﺜﺎﻟﺚ: ﺍﻟﺼﺒﺮ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺒـلاﺀ.

ﻓﺈﻥ ﻛﻨﺖِ ﻓﻄﻨﺔ ﻓﺨﺬﻱ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﺠﻠﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﺜﺎﻝ ﺍﻟﻘﺎﺋﺪ -ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻨﺒﻴﻪ- ﻋﺒﺮﺓً ﻭﺩﻟﻴـلا، ﻭﻗﻮﻟﻲ ﺑﻜﻞ ﻫﻤﺔ ﻭﺭﺟﻮﻟﺔ «ﻳﺎ ﺻﺒﻮﺭ»  ﺛﻢ ﺧﺬﻱ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﺗﻘﻚ ﺍلأﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﺜـلاﺛﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﺒﺮ. ﻭﺍﺳﺘﻨﺪﻱ ﺇﻟﻰ ﻗﻮﺓ ﺍﻟﺼﺒﺮ ﺍﻟﻤﻮﺩﻋﺔ ﻓﻴﻚ ﻭﺗﺠﻤّﻠﻲ ﺑﻬﺎ، ﻓﺈﻧّﻬﺎ ﺗﻜﻔﻲ ﻟﻠﻤﺸﻘﺎﺕ ﻛﻠﻬﺎ، ﻭﻟﻠﻤﺼﺎﺋﺐ ﺟﻤﻴﻌﻬﺎ ﻣﺎ ﻟﻢ ﺗﺒﻌﺜﺮﻳﻬﺎ ﺧﻄﺄ ﻓﻲ ﺃﻣﻮﺭ ﺟﺎﻧﺒﻴﺔ.

   ﺍﻟﺘﻨﺒﻴﻪ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ

    ﻳﺎ ﻧﻔﺴﻲ ﺍﻟﻄﺎﺋﺸﺔ! ﻳﺎ ﺗُﺮﻯ ﻫﻞ ﺃﻥّ ﺃﺩﺍﺀ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﺒﻮﺩﻳﺔ ﺩﻭﻥ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻭﺟﺪﻭﻯ؟! ﻭﻫﻞ ﺃﻥّ ﺃﺟﺮﺗﻬﺎ ﻗﻠﻴﻠﺔ ﺿﺌﻴﻠﺔ ﺣﺘﻰ ﺗﺠﻌﻠﻚ ﺗﺴﺄﻣﻴﻦ ﻣﻨﻬﺎ؟ ﻣﻊ ﺃﻥّ ﺃﺣﺪﻧﺎ ﻳﻌﻤﻞ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺴﺎﺀ ﻭﻳﻜﺪّ ﺩﻭﻥ ﻓﺘﻮﺭ ﺇﻥ ﺭﻏّﺒﻪ ﺃﺣﺪ ﻓﻲ ﻣﺎﻝٍ ﺃﻭ ﺃﺭﻫﺒَﻪُ.

ﺇﻥّ ﺍﻟﺼـلاﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﻗﻮﺕ ﻟﻘﻠﺒﻚ ﺍﻟﻌﺎﺟﺰ ﺍﻟﻔﻘﻴﺮ ﻭﺳﻜﻴﻨﺔ ﻟﻪ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻀﻴﻒ ﺍﻟﻤﻮﻗﺖ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ. ﻭﻫﻲ ﻏﺬﺍﺀ ﻭﺿﻴﺎﺀ ﻟﻤﻨﺰﻟﻚ ﺍﻟﺬﻱ لاﺑﺪ ﺃﻧّﻚِ ﺻﺎﺋﺮﺓ ﺇﻟﻴﻪ، ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻘﺒﺮ. ﻭﻫﻲ ﻋﻬﺪ ﻭﺑﺮﺍﺀﺓ ﻓﻲ ﻣﺤﻜﻤﺘﻚ ﺍﻟﺘﻲ لا ﺷﻚ ﺃﻧﻚِ ﺗﺤﺸﺮﻳﻦ ﺇﻟﻴﻬﺎ. ﻭﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺳﺘﻜﻮﻥ ﻧﻮﺭﺍ ﻭﺑُﺮﺍﻗﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﺮﺍﻁ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﻴﻢ ﺍﻟﺬﻱ لاﺑﺪ ﺃﻧّﻚِ ﺳﺎﺋﺮﺓ ﻋﻠﻴﻪ.. ﻓﺼـلاﺓ ﻫﺬﻩ ﻧﺘﺎﺋﺠﻬﺎ، ﻫﻞ ﻫﻲ ﺑـلا ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻭﺟﺪﻭﻯ ؟ ﺃﻡْ ﺃﻧﻬﺎ ﺯﻫﻴﺪﺓ ﺍلأﺟﺮﺓ؟!

ﻭﺇﺫﺍ ﻭَﻋَﺪَﻙِ ﺃﺣﺪ ﺑﻬﺪﻳﺔ ﻣﻘﺪﺍﺭﻫﺎ ﻣﺎﺋﺔ ﻟﻴﺮﺓ، ﻓﺴﻮﻑ ﻳﺴﺘﺨﺪﻣﻚ ﻣﺎﺋﺔ ﻳﻮﻡ ﻭﺃﻧﺖِ ﺗﺴﻌَﻴﻦ ﻭﺗﻌﻤﻠﻴﻦ ﻣﻌﺘﻤﺪﺓ ﻋﻠﻰ ﻭﻋﺪﻩ ﺩﻭﻥ ﻣﻠﻞ ﻭﻓﺘﻮﺭ، ﺭﻏﻢ ﺃﻧّﻪ ﻗﺪ ﻳﺨﻠﻒ ﺍﻟﻮﻋﺪ. ﻓﻜﻴﻒ ﺑﻤﻦ ﻭﻋﺪﻙ ﻭﻫﻮ لا ﻳﺨﻠﻒ ﺍﻟﻮﻋﺪ ﻣﻄﻠﻘﺎ؟؟ ﻓﺨُﻠﻒ ﺍﻟﻮﻋﺪ ﻋﻨﺪﻩ ﻣﺤﺎﻝ! ﻭﻋﺪﻙ ﺃﺟﺮﺓً ﻭﺛﻤﻨﺎ ﻫﻲ ﺍﻟﺠﻨﺔ، ﻭﻫﺪﻳﺔ ﻋﻈﻴﻤﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﺍﻟﺨﺎﻟﺪﺓ، ﻟﺘﺆﺩﻱ ﻟﻪ ﻭﺍﺟﺒﺎ ﻭﻭﻇﻴﻔﺔ ﻟﻄﻴﻔﺔ ﻣﺮﻳﺤﺔ ﻭﻓﻲ ﻓﺘﺮﺓ ﻗﺼﻴﺮﺓ ﺟﺪﺍ. ﺃلا ﺗﻔﻜﺮﻳﻦ ﻓﻲ ﺃﻧﻚِ ﺇﻥ ﻟﻢ ﺗﺆﺩِّ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻮﻇﻴﻔﺔ ﻭﺍﻟﺨﺪﻣﺔ ﺍﻟﻀﺌﻴﻠﺔ، ﺃﻭ ﻗﻤﺖِ ﺑﻬﺎ ﺩﻭﻥ ﺭﻏﺒﺔ ﺃﻭ ﺑﺸﻜﻞٍ ﻣﺘﻘﻄﻊ، ﻓﺈﻧﻚِ ﺇﺫﻥ ﺗﺴﺘﺨﻔّﻴﻦ ﺑﻬﺪﻳﺘﻪ، ﻭﺗﺘﻬﻤﻴﻨﻪ ﻓﻲ ﻭﻋﺪﻩ! ﺃلا ﺗﺴﺘﺤﻘﻴﻦ ﺇﺫﻥ ﺗﺄﺩﻳﺒﺎ ﺷﺪﻳﺪﺍ ﻭﺗﻌﺬﻳﺒﺎ ﺃﻟﻴﻤﺎ؟ ﺃلا ﻳﺜﻴﺮ ﻫﻤﺘﻚ ﻟﺘﺆﺩﻱ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻮﻇﻴﻔﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﻓﻲ ﻏﺎﻳﺔ ﺍﻟﻴﺴﺮ ﻭﺍﻟﻠﻄﻒ ﺧﻮﻑَ ﺍﻟﺴﺠﻦ ﺍلأﺑﺪﻱ ﻭﻫﻮ ﺟﻬﻨﻢ. ﻋﻠﻤﺎ ﺃﻧّﻚِ ﺗﻘﻮﻣﻴﻦ ﺑﺄﻋﻤﺎﻝ ﻣﺮﻫﻘﺔ ﻭﺻﻌﺒﺔ ﺩﻭﻥ ﻓﺘﻮﺭ ﺧﻮﻓﺎ ﻣﻦ ﺳﺠﻦ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ، ﻭﺃﻳﻦ ﻫﺬﺍ ﻣﻦ ﺳﺠﻦ ﺟﻬﻨﻢ ﺍلأﺑﺪﻱ؟!

   ﺍﻟﺘﻨﺒﻴﻪ ﺍﻟﺨﺎﻣﺲ

    ﻳﺎ ﻧﻔﺴﻲ ﺍﻟﻤﻐﺮﻣﺔ ﺑﺎﻟﺪﻧﻴﺎ!.. ﻫﻞ ﺇﻥّ ﻓﺘﻮﺭﻙ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ ﻭﺗﻘﺼﻴﺮﻙ ﻓﻲ ﺍﻟﺼـلاﺓ ﻧﺎﺷﺌﺎﻥ ﻣﻦ ﻛﺜﺮﺓ ﻣﺸﺎﻏﻠﻚ ﺍﻟﺪﻧﻴﻮﻳﺔ؟ ﺃﻡْ ﺇﻧّﻚ لا ﺗﺠﺪﻳﻦ ﺍﻟﻔﺮﺻﺔ ﻟﻐﻠﺒﺔ ﻫﻤﻮﻡ ﺍﻟﻌﻴﺶ؟!

ﻓﻴﺎ ﻋﺠﺒﺎ ﻫﻞ ﺃﻧﺖِ ﻣﺨﻠﻮﻗﺔ ﻟﻠﺪﻧﻴﺎ ﻓﺤﺴﺐ، ﺣﺘﻰ ﺗﺒﺬﻟﻲ ﻛﻞ ﻭﻗﺘﻚ ﻟﻬﺎ؟ ﺗﺄﻣﻠﻲ، ﺇﻧّﻚ لا ﺗﺒﻠﻐﻴﻦ ﺃﺻﻐﺮَ ﻋﺼﻔﻮﺭ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺗﺪﺍﺭﻙ ﻟﻮﺍﺯﻡ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺭﻏﻢ ﺃﻧّﻚِ ﺃﺭﻗﻰ ﻣﻦ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺤﻴﻮﺍﻧﺎﺕ ﻓﻄﺮﺓً. ﻟِﻢَ لا ﺗﻔﻬﻤﻴﻦ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺃﻥّ ﻭﻇﻴﻔﺘﻚِ ﺍلأﺻﻠﻴﺔ ﻟﻴﺲ ﺍلاﻧﻬﻤﺎﻙ ﺑﺎﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺍلاﻫﺘﻤﺎﻡ ﺑﻬﺎ ﻛﺎﻟﺤﻴﻮﺍﻧﺎﺕ، ﻭﺇﻧّﻤﺎ ﺍﻟﺴﻌﻲُ ﻭﺍﻟﺪﺃﺏ ﻟﺤﻴﺎﺓ ﺧﺎﻟﺪﺓ ﻛﺎلإﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ. ﻣﻊ ﻫﺬﺍ، ﻓﺈﻥّ ﺃﻏﻠﺐَ ﻣﺎ ﺗﺬﻛﺮﻳﻨﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺸﺎﻏﻞ ﺍﻟﺪﻧﻴﻮﻳﺔ ﻫﻲ ﻣﺸﺎﻏﻞ ﻣﺎ لا ﻳﻌﻨﻴﻚ ﻣﻦ ﺍلأﻣﻮﺭ، ﻭﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺘﺪﺧﻠﻴﻦ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﻔﻀﻮﻝ، ﻓﺘﻬﺪﺭﻳﻦ ﻭﻗﺘﻚ ﺍﻟﺜﻤﻴﻦ ﺟﺪﺍ ﻓﻴﻤﺎ لا ﻗﻴﻤﺔ ﻟﻪ ﻭلا ﺿﺮﻭﺭﺓ ﻭلا ﻓﺎﺋﺪﺓ ﻣﻨﻪ، ﻛﺘﻌﻠّﻢ ﻋﺪﺩ ﺍﻟﺪﺟﺎﺝ ﻓﻲ ﺃﻣﺮﻳﻜﺎ! ﺃﻭ ﻧﻮﻉ ﺍﻟﺤﻠﻘﺎﺕ ﺣﻮﻝ ﺯﺣﻞ. ﻭﻛﺄﻧّﻚِ ﺗﻜﺴﺒﻴﻦ ﺑﻬﺬﺍ ﺷﻴﺌﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻔَﻠﻚ ﻭﺍلإﺣﺼﺎﺀ  ﻓﺘَﺪَﻋﻴﻦ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻱ ﻭﺍلأﻫﻢ ﻭﺍلأﻟﺰﻡ ﻣﻦ ﺍلأﻣﻮﺭ ﻛﺄﻧﻚِ ﺳﺘﻌﻤّﺮﻳﻦ ﺁلاﻑ ﺍﻟﺴﻨﻴﻦ؟!

ﻓﺈﻥ ﻗﻠﺖ: ﺇﻥّ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺼﺮﻓﻨﻲ ﻭﻳﻔﺘﺮﻧﻲ ﻋﻦ ﺍﻟﺼـلاﺓ ﻭﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ ﻟﻴﺲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﻩ ﺍلأﻣﻮﺭ ﺍﻟﺘﺎﻓﻬﺔ، ﻭﺇﻧّﻤﺎ ﻫﻲ ﺃﻣﻮﺭ ﺿﺮﻭﺭﻳﺔ ﻟﻤﻄﺎﻟﺐ ﺍﻟﻌﻴﺶ. ﺇﺫﻥ ﻓﺎﺳﻤﻌﻲ ﻣﻨﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺜﻞ:

ﺇﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﺍلأﺟﺮﺓ ﺍﻟﻴﻮﻣﻴﺔ ﻟﺸﺨﺺٍ ﻣﺎﺋﺔ ﻗﺮﺵ ﻭﻗﺎﻝ ﻟﻪ ﺃﺣﺪﻫﻢ: «ﺗﻌﺎﻝ ﻭﺍﺣﻔﺮْ ﻟﻌﺸﺮ ﺩﻗﺎﺋﻖ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ، ﻓﺈﻧّﻚ ﺳﺘﺠﺪ ﺣﺠﺮﺍ ﻛﺮﻳﻤﺎ ﻛﺎﻟﺰﻣﺮﺩ ﻗﻴﻤﺘُﻪ ﻣﺎﺋﺔ ﻟﻴﺮﺓ» ﻛﻢ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﺬﺭﺍ ﺗﺎﻓﻬﺎ ﺑﻞ ﺟﻨﻮﻧﺎ ﺇﻥْ ﺭﻓﺾ ﺫﻟﻚ ﺑﻘﻮﻟﻪ: «لا، لا ﺃﻋﻤﻞُ، لأﻥ ﺃﺟﺮﺗﻲ ﺍﻟﻴﻮﻣﻴﺔ ﺳﺘﻨﻘﺺ».

ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺣﺎﻟﻚ، ﻓﺈﻥ ﺗﺮﻛﺖ ﺍﻟﺼـلاﺓ ﺍﻟﻤﻔﺮﻭﺿﺔ، ﻓﺈﻥّ ﺟﻤﻴﻊ ﺛﻤﺎﺭ ﺳﻌﻴﻚ ﻭﻋﻤﻠﻚ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﺴﺘﺎﻥ ﺳﺘﻨﺤﺼﺮ ﻓﻲ ﻧﻔﻘﺔٍ ﺩﻧﻴﻮﻳﺔ ﺗﺎﻓﻬﺔ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺗﺠﻨﻰ ﻓﺎﺋﺪﺗﻬﺎ ﻭﺑﺮﻛﺘﻬﺎ. ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻟﻮ ﺻﺮﻓﺖ ﻭﻗﺖ ﺭﺍﺣﺘﻚ ﺑﻴﻦ ﻓﺘﺮﺍﺕ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻓﻲ ﺃﺩﺍﺀ ﺍﻟﺼـلاﺓ، ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﻭﺳﻴﻠﺔ ﻟﺮﺍﺣﺔ ﺍﻟﺮﻭﺡ، ﻭﻟﺘﻨﻔﺲ ﺍﻟﻘﻠﺐ، ﻳﻀﺎﻑ ﻋﻨﺪﺋﺬٍ ﺇﻟﻰ ﻧﻔﻘﺘﻚ ﺍلأﺧﺮﻭﻳﺔ ﻭﺯﺍﺩ ﺁﺧﺮﺗﻚ ﻣﻊ ﻧﻔﻘﺘﻚ ﺍﻟﺪﻧﻴﻮﻳﺔ ﺍﻟﻤﺒﺎﺭﻛﺔ، ﻣﺎ ﺗﺠﺪﻳﻨﻪ ﻣﻦ ﻣﻨﺒﻊ ﻋﻈﻴﻢ ﻟﻜﻨﺰَﻳﻦ ﻣﻌﻨﻮﻳﻴﻦ ﺩﺍﺋﻤﻴﻦ ﻭﻫﻤﺎ:

ﺍﻟﻜﻨﺰ ﺍلأﻭﻝ: ﺳﺘﺄﺧﺬ (حاشية) ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻘﺎﻡ ﺩﺭﺱ لأﺣﺪ ﺍﻟﻌﺎﻣﻠﻴﻦ ﻓﻲ ﺑﺴﺘﺎﻥ. ﺍﻟﻤﺆﻟﻒ ﺣﻈﻚ ﻭﻧﺼﻴﺒﻚ ﻣﻦ «ﺗﺴﺒﻴﺤﺎﺕ» ﻛﻞ ﻣﺎ ﻫﻴﺄﺗﻪ ﺑﻨﻴّﺔ ﺧﺎﻟﺼﺔ، ﻣﻦ ﺃﺯﻫﺎﺭ ﻭﺛﻤﺎﺭ ﻭﻧﺒﺎﺗﺎﺕ ﻓﻲ ﺑﺴﺘﺎﻧﻚ.

ﺍﻟﻜﻨﺰ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ: ﺃﻥّ ﻛﻞ ﻣَﻦ ﻳﺄﻛﻞ ﻣﻦ ﻣﺤﺎﺻﻴﻞ ﺑﺴﺘﺎﻧﻚ -ﺳﻮﺍﺀ ﺃﻛﺎﻥ ﺣﻴﻮﺍﻧﺎ ﺃﻡْ ﺇﻧﺴﺎﻧﺎ ﺷﺎﺭﻳﺎ ﺃﻭ ﺳﺎﺭﻗﺎ- ﻳﻜﻮﻥ ﺑﺤﻜﻢ «ﺻﺪﻗﺔٍ ﺟﺎﺭﻳﺔ» ﻟﻚ، ﻓﻴﻤﺎ ﺇﺫﺍ ﻧﻈﺮﺕ ﺇﻟﻰ ﻧﻔﺴﻚ ﻛﺄﻧّﻚ ﻭﻛﻴﻞ ﻭﻣﻮﻇﻒ ﻟﺘﻮﺯﻳﻊ ﻣﺎﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻠﻰ ﻣﺨﻠﻮﻗﺎﺗﻪ، ﺃﻱ ﺗﺘﺼﺮﻑ ﺑﺎﺳﻢ ﺍﻟﺮﺯﺍﻕ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻭﺿﻤﻦ ﻣﺮﺿﺎﺗﻪ.

ﻭﺍلآﻥ ﺗﺄﻣّﻞْ ﻓﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺮﻙ ﺍﻟﺼـلاﺓ، ﻛﻢ ﻫﻮ ﺧﺎﺳﺮ ﺧﺴﺮﺍﻧﺎ ﻋﻈﻴﻤﺎ؟! ﻭﻛﻢ ﻫﻮ ﻓﺎﻗﺪ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺜﺮﻭﺓ ﺍﻟﻬﺎﺋﻠﺔ؟! ﻭﻛﻴﻒ ﺃﻧّﻪ ﺳﻴﺒﻘﻰ ﻣﺤﺮﻭﻣﺎ ﻭﻣﻔﻠﺴﺎ ﻣﻦ ﺫﻳﻨﻚ ﺍﻟﻜﻨﺰﻳﻦ ﺍﻟﺪﺍﺋﻤﻴﻦ ﺍﻟﻠﺬﻳﻦ ﻳﻤﺪﺍﻥ ﺍلإﻧﺴﺎﻥ ﺑﻘﻮﺓ ﻣﻌﻨﻮﻳﺔ ﻟﻠﻌﻤﻞ ﻭﻳﺸﻮّﻗﺎﻧﻪ ﻟﻠﺴﻌﻲ ﻭﺍﻟﻨﺸﺎﻁ؟! ﺣﺘﻰ ﺇﺫﺍ ﺑﻠﻎ ﺃﺭﺫﻝَ ﻋﻤﺮﻩ، ﻓﺈﻧّﻪ ﺳﻮﻑ ﻳﻤﻞّ ﻭﻳﻀﺠﺮ ﻣﺨﺎﻃﺒﺎ ﻧﻔﺴﻪ: «ﻭﻣﺎ ﻋﻠﻲّ؟! ﻟِﻢَ ﺃﺗﻌِﺐُ ﻧﻔﺴﻲ؟ لأﺟﻞِ ﻣَﻦ ﺃﻋﻤَﻞُ؟ ﻓﺈﻧّﻨﻲ ﺭﺍﺣﻞ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻏﺪﺍ» ﻓﻴﻠﻘﻲ ﻧﻔﺴﻪ ﻓﻲ ﺃﺣﻀﺎﻥ ﺍﻟﻜﺴﻞ؛ ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍلأﻭﻝ ﻳﻘﻮﻝ: «ﺳﺄﺳْﻌﻰ ﺳﻌﻴﺎ ﺣﺜﻴﺜﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﺤـلاﻝ ﺑﺠﺎﻧﺐ ﻋﺒﺎﺩﺗﻲ ﺍﻟﻤﺘﺰﺍﻳﺪﺓ ﻛﻴﻤﺎ ﺃﺭﺳﻞ ﺇﻟﻰ ﻗﺒﺮﻱ ﺿﻴﺎﺀﺍ ﺃﻛﺜﺮ ﻭﺍﺩّﺧﺮ لآﺧﺮﺗﻲ ﺫﺧﻴﺮﺓ ﺃﺯﻳﺪ».

  ﻭﺍﻟﺨـلاﺻﺔ: ﺍﻋﻠﻤﻲ ﺃﻳﺘﻬﺎ ﺍﻟﻨﻔﺲ! ﺇﻥّ ﺃﻣْﺲ ﻗﺪ ﻓﺎﺗﻚِ. ﺃﻣّﺎ ﺍﻟﻐﺪ ﻓﻠﻢ ﻳﺄﺕِ ﺑَﻌْﺪُ، ﻭﻟﻴﺲ ﻟﺪﻳﻚ ﻋﻬﺪ ﺃﻧّﻚ ﺳﺘﻤﻠﻜﻴﻨﻪ، ﻟﻬﺬﺍ ﻓﺎﺣﺴﺒﻲ ﻋﻤﺮﻙ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻫﻮ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻴﻮﻡ. ﻭﺃﻗﻞّ ﺍﻟﻘﻠﻴﻞ ﺃﻥ ﺗﻠﻘﻲ ﺳﺎﻋﺔ ﻣﻨﻪ ﻓﻲ ﺻﻨﺪﻭﻕ ﺍلاﺩّﺧﺎﺭ ﺍلأﺧﺮﻭﻱ، ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ ﺃﻭ ﺍﻟﺴَّﺠّﺎﺩﺓ ﻟﺘﻀﻤﻨﻲ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﺍﻟﺨﺎﻟﺪ.

ﻭﺍﻋﻠﻤﻲ ﻛﺬﻟﻚ ﺃﻥ ﻛﻞ ﻳﻮﻡ ﺟﺪﻳﺪ ﻫﻮ ﺑﺎﺏ ﻳﻨﻔﺘﺢ ﻟﻌﺎﻟﻢ ﺟﺪﻳﺪ -ﻟﻚ ﻭﻟﻐﻴﺮﻙ- ﻓﺈﻥ ﻟﻢ ﺗﺆﺩﻱ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺼـلاﺓ ﻓﺈﻥ ﻋﺎﻟﻢ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻳﺮﺣﻞ ﺇﻟﻰ ﻋﺎﻟﻢ ﺍﻟﻐﻴﺐ ﻣُﻈﻠﻤﺎ ﺷﺎﻛﻴﺎ ﻣﺤﺰﻭﻧﺎ، ﻭﺳﻴﺸﻬﺪ ﻋﻠﻴﻚ. ﻭﺃﻥّ ﻟﻜﻞٍّ ﻣﻨﺎ ﻋﺎﻟﻤَﻪ ﺍﻟﺨﺎﺹ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ، ﻭﺃﻥّ ﻧﻮﻋﻴﺘﻪ ﺗﺘﺒﻊ ﻋﻤﻠﻨﺎ ﻭﻗﻠﺒﻨﺎ. ﻣَﺜﻠُﻪ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﻣﺜﻞُ ﺍﻟﻤﺮﺁﺓ، ﺗﻈﻬﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺗﺒﻌﺎ ﻟﻠﻮﻧﻬﺎ ﻭﻧﻮﻋﻴﺘﻬﺎ. ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺴﻮﺩّﺓ ﻓﺴﺘﻈﻬﺮ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﻣﺴﻮﺩّﺓ، ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﺻﻘﻴﻠﺔ ﻓﺴﺘﻈﻬﺮ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﻭﺍﺿﺤﺔ، ﻭﺇلا ﻓﺴﺘﻈﻬﺮ ﻣﺸﻮﻫﺔ ﺗﻀﺨﻢ ﺃﺗﻔﻪ ﺷﻲﺀ ﻭﺃﺻﻐﺮﻩ. ﻛﺬﻟﻚ ﺃﻧﺖ، ﻓﺒﻘﻠﺒﻚ ﻭﺑﻌﻘﻠﻚ ﻭﺑﻌﻤﻠﻚ ﻳﻤﻜﻨﻚ ﺃﻥ ﺗﻐﻴﺮﻱ ﺻﻮﺭَ ﻋﺎﻟﻤﻚِ، ﻭﺑﺎﺧﺘﻴﺎﺭﻙ ﻭﻃﻮﻉ ﺇﺭﺍﺩﺗﻚ ﻳﻤﻜﻨﻚ ﺃﻥ ﺗﺠﻌﻠﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻳﺸﻬﺪ ﻟﻚ ﺃﻭ ﻋﻠﻴﻚ.

ﻭﻫﻜﺬﺍ ﺇﻥ ﺃﺩّﻳﺖَ ﺍﻟﺼـلاﺓ ﻭﺗﻮﺟﻬﺖ ﺑﺼـلاﺗﻚ ﺇﻟﻰ ﺧﺎﻟﻖ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺫﻱ ﺍﻟﺠـلاﻝ، ﻓﺴﻴﺘﻨﻮﺭ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﻤﺘﻮﺟﻪ ﺇﻟﻴﻚ ﺣﺎلا، ﻭﻛﺄﻧّﻚ ﻗﺪ ﻓﺘﺤﺖ ﺑﻨﻴّﺔ ﺍﻟﺼـلاﺓ ﻣﻔﺘﺎﺡ ﺍﻟﻨﻮﺭ ﻓﺄﺿﺎﺀَﻩ ﻣﺼﺒﺎﺡ ﺻـلاﺗﻚ، ﻭﺑﺪّﺩ ﺍﻟﻈﻠﻤﺎﺕ ﻓﻴﻪ. ﻭﻋﻨﺪﻫﺎ ﺗﺘﺤﻮﻝ ﻭﺗﺘﺒﺪﻝ ﺟﻤﻴﻊ ﺍلاﺿﻄﺮﺍﺑﺎﺕ ﻭﺍلأﺣﺰﺍﻥ ﺍﻟﺘﻲ ﺣﻮﻟﻚ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻓﺘﺮﺍﻫﺎ ﻧﻈﺎﻣﺎ ﺣﻜﻴﻤﺎ، ﻭﻛﺘﺎﺑﺔ ﺫﺍﺕ ﻣﻌﻨﻰ ﺑﻘﻠﻢ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﺍﻟﺮﺑﺎﻧﻴﺔ، ﻓﻴﻨﺴﺎﺏ ﻧﻮﺭ ﻣﻦ ﺃﻧﻮﺍﺭ ﴿اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ ﺇﻟﻰ ﻗﻠﺒﻚ، ﻓﻴﺘﻨﻮﺭ ﻋﺎﻟﻢ ﻳﻮﻣﻚ ﺫﺍﻙ، ﻭﺳﻴﺸﻬﺪ ﺑﻨﻮﺭﺍﻧﻴﺘﻪ ﻟﻚ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻠﻪ.

ﻓﻴﺎ ﺃﺧﻲ! ﺣﺬﺍﺭِ ﺃﻥ ﺗﻘﻮﻝ «ﺃﻳﻦ ﺻـلاﺗﻲ ﻣﻦ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺼـلاﺓ؟» ﺇﺫ ﻛﻤﺎ ﺗﺤﻤﻞ ﻧﻮﺍﺓُ ﺍﻟﺘﻤﺮ ﻓﻲ ﻃﻴﺎﺗﻬﺎ ﺻﻔﺎﺕ ﺍﻟﻨﺨﻠﺔ ﺍﻟﺒﺎﺳﻘﺔ، ﺍﻟﻔﺮﻕ ﻓﻘﻂ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻔﺎﺻﻴﻞ ﻭﺍلإﺟﻤﺎﻝ. ﻛﺬﻟﻚ ﺻـلاﺓ ﺍﻟﻌﻮﺍﻡ -ﻣﻦ ﻫﻢ ﺃﻣﺜﺎﻟﻲ ﻭﺃﻣﺜﺎﻟُﻚ- ﻓﻴﻬﺎ ﺣﻆ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻨﻮﺭ ﻭﺳﺮ ﻣﻦ ﺃﺳﺮﺍﺭ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ، ﻛﻤﺎ ﻫﻲ ﻓﻲ ﺻـلاﺓ ﻭﻟﻲّ ﻣﻦ ﺃﻭﻟﻴﺎﺀ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺼﺎﻟﺤﻴﻦ ﻭﻟﻮ ﻟﻢ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺬﻟﻚ ﺷﻌﻮﺭﻩ. ﺃﻣَّﺎ ﺗَﻨﻮُّﺭﻫﺎ ﻓﻬﻲ ﺑﺪﺭﺟﺎﺕ ﻣﺘﻔﺎﻭﺗﺔ، ﻛﺘﻔﺎﻭﺕ ﺍﻟﻤﺮﺍﺗﺐ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺑﻴﻦ ﻧﻮﺍﺓ ﺍﻟﺘﻤﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﺨﻠﺔ. ﻭﺭﻏﻢ ﺃﻥّ ﺍﻟﺼـلاﺓ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺮﺍﺗﺐ ﺃﻛﺜﺮ ﻓﺈﻥّ ﺟﻤﻴﻊ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﺮﺍﺗﺐ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﺳﺎﺱ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﻨﻮﺭﺍﻧﻴﺔ.

ﺍَﻟﻠّﻬﻢَّ ﺻَﻞِّ ﻭَﺳَﻠِّﻢْ ﻋَﻠَﻰ ﻣَﻦ ﻗَﺎﻝَ: «ﺍﻟﺼَّـلاﺓُ ﻋِﻤَﺎﺩُ ﺍﻟﺪِّﻳﻦِ» ﻭَﻋَﻠَﻰ ﺁﻟِﻪِ ﻭَﺻَﺤْﺒِﻪِ ﺃﺟْﻤَﻌِﻴﻦَ.