801

وانطلقت هادرةً من حجراتٍ صغيرةٍ في قريةٍ نائيةٍ لتنداح في كل طرفٍ وناحيةٍ إلى أن تطرق أبواب الجامعات؛ وها نحن اليوم نرى السائرين على دربه المقتبسين من نوره من شتى فئات المجتمع، منهم المتعطشون للإيمان، ومنهم أبناء الوطن الذين انتُهِكت مقدساتهم سنين طويلة، ومنهم الأجيال التي دمَّر الباطل وجودَها المعنوي.

وها هي رسائل النور تتناقلها الأيدي، وتُرددها الألسنة، وتنتشر عبر الأصقاع، ويأخذ كلُّ واحدٍ حصتَه منها، ويتنوَّر بنورها، سواءٌ الشباب والشيوخ، والأميُّون والمثقفون، والصغار والكبار، وقد بات كلُّ طالبٍ من طلابها آلةَ نسخٍ لها أو مطبعةً تطبعها؛ لقد تحدى الإيمانُ التكنولوجيا، فأخرج لنا آلافًا مؤلفةً من رسائل النور منسوخةً بخط اليد تتحدى آلات النسخ والتصوير.

بلى، لقد ساورَ الخوفُ أولئك العُميَ الذين خُتِم على أبصارهم وانطمستْ بصائرهم وأَقفرت بواطنهم، فخافوا من هذا النور والضياء، وراحوا يرددون تلك الأسطوانة المشروخة: إنه يناوئ العلمانية والثورة؛ ومن خلال هذه المعزوفة السمجة ساقوه إلى المحاكم، وزجوا به في السجون، وسمَّموه عدة مراتٍ، لكنَّ السمَّ عاد ترياقًا، وانقلبت السجونُ مدارسَ.. وتَخَطَّى نورُ الأستاذ المقتبَسُ من نور الله ونور القرآنِ حدودَ البلاد، وطاف في أرجاء العالم الإسلامي.

إن في تركيا اليوم قوةً ينبغي على كلِّ تنظيمٍ وكلِّ فردٍ محبٍّ لوطنه أن يقف احترامًا لها.. ألا وهي سعيد نور وطلابُه؛ ليس لهؤلاء جمعيةٌ ولا مقرٌّ ولا مبنى، وليس لهم حزبٌ ولا مهرجاناتٌ خطابيةٌ ولا حشودٌ جماهيرية، إنهم جمعٌ غفيرٌ من المؤمنين الواعين الأخفياء الأتقياء الذين بذلوا الغالي والنفيس لأجل قضيةٍ كبرى.

عثمان يوكسَل سَرْدَن كجتي