886

في الأفق أضواء خدّاعةٌ بين الحين والآخر، فليس المستقبل للأضواء التي تستمد نورها من شموسٍ آفلة، بل المستقبل للشمس الأزلية الأبدية التي تستمد نورها ومدَدَها مباشرةً من رب العالَمين سبحانه، فهي التي ستبقى ما بقيت الدنيا، وهي التي ستُحرق كلَّ مَن يسعى لإطفائها.

أستاذي الغالي المبجَّل.. لا يخفى عليكم أنه قد ظهرت في الآونة الأخيرة بعض حركات التنوير والإرشاد التي تعمل لخدمة هذه الدعوة القدسية، إلا أنه لم تؤدِّ أيٌّ منها العملَ الجليل الذي أدَّته رسائل النور، ولم تَنَلِ النصر الإلهي الذي نالتْه، ذلك أن هذا الطريق هو الطريق المقدس الذي سار عليه الأنبياء والأولياء والعارفون والصالحون، وسار عليه بالأخص ملايين الشهداء الأبطال الذين ضحَّوا بأرواحهم في سبيل مولاهم سبحانه؛ وحَقٌّ على مَن يريد السير على هذا الدرب الشاق أن يضع نصب عينيه الموانع والعقبات العظيمة التي ستعترضه؛ أجل، ويجب عليه أن يتحلى بمثل ما أولاكم الله إياه من إيمانٍ راسخٍ، ومعرفةٍ إلهيةٍ سامية، وإخلاصٍ فريدٍ، وتجرُّدٍ عن الذات بشكلٍ خاص، لأن أصول الدعوة والإرشاد والتنوير التي تَتَّبعها رسائل النور بهذا الصدد تتمتع بمزايا متفردةٍ تمامًا.

أطلب منكم الدعاء بالتوفيق للقيام ببحثٍ معمقٍ بهذا الخصوص يفتح آفاقًا جديدةً في الفكر والمشاعر والروح والوجدان، لأحظى بشرف تقديمه لإخواني في الدين في كتابٍ مستقلٍّ مفصَّل، فإن هذا الموضوع النُّوريّ هو من العمق والأهمية بحيث لا يمكن الحديث عنه في مقالاتٍ أو رسائل موجزة.

إن الشباب الذين فتحتم قلوبَهم النقيَّة بنور الإيمان والقرآن هم أثمن جوهرةٍ وأهمُّ موجودٍ، وهم أسطع دليلٍ على هذا النصر الإلهي، وإن هذا الشباب الطاهر الذي خاطبتُ أرواحَهم ومشاعرهم الأصيلة في كلِّ بيتٍ من أبيات قصيدتي «حديث النور» هم أولئك الشباب الذين تتقد أفئدتهم حبًّا للحق والحقيقة.

أقدِّم إليكم هذه القصيدة التي كتبتُها بإلهامٍ يفيض وجدًا بالنصر الذي حظيتْ به دعوة النور، وأرجو أن تتفضلوا بقبولها.

أُقبِّل يديكم الكريمتين مِرارًا، وأرجو دعواتكم المباركة أستاذيَ المحترم.

من أبنائكم المعنويين

علي عُلوي

***