لا ﺗﺒﻠﻎ ﻳﺪ ﺍلأﺩﺏ ﺍﻟﻐﺮﺑﻲ ﺫﻱ ﺍلأﻫﻮﺍﺀ ﻭﺍﻟﻨﺰﻭﺍﺕ ﻭﺍﻟﺪﻫﺎﺀ..

     ﺷﺄﻥ ﺃﺩﺏ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﺨﺎﻟﺪ ﺫﻱ ﺍﻟﻨﻮﺭ ﻭﺍﻟﻬﺪﻯ ﻭﺍﻟﺸﻔﺎﺀ.

    ﺇﺫ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺮﺿﻲ ﺍلأﺫﻭﺍﻕ ﺍﻟﺮﻓﻴﻌﺔ ﻟﻠﻜﺎﻣﻠﻴﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﺗُﻄﻤﺌﻨﻬﻢ، لا ﺗﺴﺮّ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍلأﻫﻮﺍﺀ ﺍﻟﺼﺒﻴﺎﻧﻴﺔ ﻭﺫﻭﻱ ﺍﻟﻄﺒﺎﺋﻊ ﺍﻟﺴﻔﻴﻬﺔ، ﻭلا ﺗﺴﻠّﻴﻬﻢ، ﻓﺒﻨﺎﺀً ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ؛

ﻓﺈﻥ ﺫﻭﻗﺎ ﺳﻔﻴﻬﺎ ﺳﺎﻓـلا، ﺗَﺮﻋﺮﻉ ﻓﻲ ﺣﻤﺄﺓ ﺍﻟﺸﻬﻮﺓ ﻭﺍﻟﻨﻔﺴﺎﻧﻴﺔ، لا ﻳَﺴﺘﻠﺬ ﺑﺎﻟﺬﻭﻕ ﺍﻟﺮﻭﺣﻲ، ﻭلا ﻳﻌﺮﻓﻪ ﺃﺻـلا.

ﻓﺎلأﺩﺏ ﺍﻟﺤﺎﺿﺮ؛ ﺍﻟﻤﺘﺮﺷﺢ ﻣﻦ ﺃﺩﺏ ﺃﻭﺭﻭﺑﺎ، ﻋﺎﺟﺰ ﻋﻦ ﺭﺅﻳﺔ ﻣﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﻣﻦ ﻟﻄﺎﺋﻒ ﻋﺎﻟﻴﺔ ﻭﻣﺰﺍﻳﺎ ﺳﺎﻣﻴﺔ، ﻣﻦ ﺧـلاﻝ ﻧﻈﺮﺗﻪ ﺍﻟﺮﻭﺍﺋﻴﺔ، ﺑﻞ ﻫﻮ ﻋﺎﺟﺰ ﻋﻦ ﺗﺬﻭﻗﻬﺎ، ﻟﺬﺍ لا ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﻳﺠﻌﻞ ﻣﻌﻴﺎﺭﻩ ﻣﺤﻜّﺎ ﻟﻪ.

ﻭﺍلأﺩﺏ ﻳﺠﻮﻝ ﻓﻲ ﺛـلاﺛﺔ ﻣﻴﺎﺩﻳﻦ، ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﺤﻴﺪ ﻋﻨﻬﺎ:

ﻣﻴﺪﺍﻥ ﺍﻟﺤﻤﺎﺳﺔ ﻭﺍﻟﺸﻬﺎﻣﺔ.. ﻣﻴﺪﺍﻥ ﺍﻟﺤﺴﻦ ﻭﺍﻟﻌﺸﻖ.. ﻣﻴﺪﺍﻥ ﺗﺼﻮﻳﺮ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻭﺍﻟﻮﺍﻗﻊ..

ﻓﺎلأﺩﺏ ﺍلأﺟﻨﺒﻲ:

ﻓﻲ ﻣﻴﺪﺍﻥ ﺍﻟﺤﻤﺎﺳﺔ؛ لا ﻳﻨﺸﺪ ﺍﻟﺤﻖ، ﺑﻞ ﻳﻠﻘّﻦ ﺷﻌﻮﺭ ﺍلاﻓﺘﺘﺎﻥ ﺑﺎﻟﻘﻮﺓ ﺑﺘﻤﺠﻴﺪﻩ ﺟَﻮﺭ ﺍﻟﻈﺎﻟﻤﻴﻦ ﻭﻃﻐﻴﺎﻧﻬﻢ.

ﻭﻓﻲ ﻣﻴﺪﺍﻥ ﺍﻟﺤﺴﻦ ﻭﺍﻟﻌﺸﻖ؛ لا ﻳﻌﺮﻑ ﺍﻟﻌﺸﻖَ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ، ﺑﻞ ﻳﻐﺮﺯ ﺫﻭﻗﺎ ﺷﻬﻮﻳﺎ ﻋﺎﺭﻣﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻔﻮﺱ.

ﻭﻓﻲ ﻣﻴﺪﺍﻥ ﺗﺼﻮﻳﺮ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻭﺍﻟﻮﺍﻗﻊ؛ لا ﻳﻨﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻜﺎﺋﻨﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻬﺎ ﺻﻨﻌﺔ ﺇﻟﻬﻴﺔ، ﻭلا ﻳﺮﺍﻫﺎ ﺻﺒﻐﺔ ﺭﺣﻤﺎﻧﻴﺔ، ﺑﻞ ﻳﺤﺼﺮ ﻫﻤﻪ ﻓﻲ ﺯﺍﻭﻳﺔ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻭﻳﺼﻮﺭ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻓﻲ ﺿﻮﺋﻬﺎ، ﻭلا ﻳﻘﺪﺭ ﺍﻟﻔﻜﺎﻙ ﻣﻨﻬﺎ.. ﻟﺬﺍ ﻳﻜﻮﻥ ﺗﻠﻘﻴﻨﻪ ﻋﺸﻖ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ، ﻭﺗﺄﻟﻴﻪ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ، ﺣﺘﻰ ﻳﻤﻜّﻦ ﺣﺒﻬﺎ ﻓﻲ ﻗﺮﺍﺭﺓ ﺍﻟﻘﻠﺐ، ﻓـلا ﻳﻨﺠﻮ ﺍﻟﻤﺮﺀ ﻣﻨﻪ ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ.

ﺛﻢ ﺇﻥ ﺫﻟﻚ ﺍلأﺩﺏ ﺍﻟﻤﺸﻮﺏ ﺑﺎﻟﺴﻔﻪ، لا ﻳﻐﻨﻲ ﺷﻴﺌﺎ ﻋﻦ ﺍﺿﻄﺮﺍﺑﺎﺕ ﺍﻟﺮﻭﺡ ﻭﻗﻠﻘﻬﺎ ﺍﻟﻨﺎﺷﺌﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻀـلاﻟﺔ ﻭﺍﻟﻮﺍﺭﺩﺓ ﻣﻨﻪ ﺃﻳﻀﺎ، ﻭﻟﺮﺑﻤﺎ ﻳﻬﺪﺋﻬﺎ ﻭﻳﻨﻴّﻤﻬﺎ.

ﻭﻓﻲ ﺣﺴﺒﺎﻧﻪ ﺃﻧﻪ ﻗﺪ ﻭﺟﺪ ﺣـلا، ﻭﻛﺄﻥ ﺍﻟﻌـلاﺝ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪ، ﻭﻫﻮ ﺭﻭﺍﻳﺎﺗﻪ. ﻭﻫﻲ:

ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺏ.. ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺤﻲ ﺍﻟﻤﻴﺖ.

ﻭﻓﻲ ﺳﻴﻨﻤﺎ.. ﻭﻫﻲ ﺃﻣﻮﺍﺕ ﻣﺘﺤﺮﻛﺔ.

ﻭﻓﻲ ﻣﺴﺮﺡ.. ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺒﻌﺚ ﻓﻴﻪ ﺍلأﺷﺒﺎﺡ ﻭﺗﺨﺮﺝ ﺳﺮﺍﻋﺎ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﻘﺒﺮﺓ ﺍﻟﻮﺍﺳﻌﺔ ﺍﻟﻤﺴﻤﺎﺓ ﺑﺎﻟﻤﺎﺿﻲ!

ﻫﺬﻩ ﻫﻲ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺭﻭﺍﻳﺎﺗﻪ.

ﻭﺃﻧّﻰ ﻟﻠﻤﻴﺖ ﺃﻥ ﻳﻬﺐ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ!..

ﻭﺑـلا ﺧﺠﻞ ﻭلا ﺣﻴﺎﺀ!.. ﻭﺿﻊ ﺍلأﺩﺏ ﺍلأﺟﻨﺒﻲ ﻟﺴﺎﻧﺎ ﻛﺎﺫﺑﺎ ﻓﻲ ﻓﻢ ﺍﻟﺒﺸﺮ.. ﻭﺭﻛّﺐ ﻋﻴﻨﺎ ﻓﺎﺳﻘﺔ ﻓﻲ ﻭﺟﻪ ﺍلإﻧﺴﺎﻥ.. ﻭﺃﻟﺒﺲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻓﺴﺘﺎﻥَ ﺭﺍﻗﺼﺔٍ ﺳﺎﻗﻄﺔ.

ﻓﻤﻦ ﺃﻳﻦ ﺳﻴﻌﺮﻑ ﻫﺬﺍ ﺍلأﺩﺏ؛ ﺍﻟﺤﺴﻦَ ﺍﻟﻤﺠﺮﺩ؟!

ﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﺃﺭﺍﺩ ﺃﻥ ﻳُﺮﻱ ﺍﻟﻘﺎﺭﺉَ ﺍﻟﺸﻤﺲَ؛ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺬﻛّﺮﻩ ﺑﻤﻤﺜﻠﺔ ﺷﻘﺮﺍﺀ ﺣﺴﻨﺎﺀ.

ﻭﻫﻮ ﻓﻲ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﻳﻘﻮﻝ: «ﺍﻟﺴﻔﺎﻫﺔ ﻋﺎﻗﺒﺘﻬﺎ ﻭﺧﻴﻤﺔ، لا ﺗﻠﻴﻖ ﺑﺎلإﻧﺴﺎﻥ».. ﺛﻢ ﻳﺒﻴﻦ ﻧﺘﺎﺋﺠﻬﺎ ﺍﻟﻤﻀﺮﺓ.. ﺇلا ﺃﻧﻪ ﻳﺼﻮﺭﻫﺎ ﺗﺼﻮﻳﺮﺍ ﻣﺜﻴﺮﺍ ﺇﻟﻰ ﺣﺪ ﻳﺴﻴﻞ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﻠﻌﺎﺏ، ﻭﻳﻔﻠﺖ ﻣﻨﻪ ﺯﻣﺎﻡ ﺍﻟﻌﻘﻞ، ﺇﺫ ﻳﻀﺮﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻬﻮﺍﺕ، ﻭﻳﻬﻴﺞ ﺍﻟﻨﺰﻭﺍﺕ. ﺣﺘﻰ لا ﻳﻌﻮﺩ ﺍﻟﺸﻌﻮﺭ ﻳﻨﻘﺎﺩ ﻟﺸﻲﺀ.

ﺃﻣﺎ ﺃﺩﺏ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ:

ﻓﺈﻧﻪ لا ﻳﺤﺮﻙ ﺳﺎﻛﻦ ﺍﻟﻬﻮﻯ، ﻭلا ﻳﺜﻴﺮﻩ، ﺑﻞ ﻳﻤﻨﺢ ﺍلإﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟﺸﻌﻮﺭ ﺑﻨﺸﺪﺍﻥ ﺍﻟﺤﻖ ﻭﺣﺒﻪ، ﻭﺍلاﻓﺘﺘﺎﻥ ﺑﺎﻟﺤﺴﻦ ﺍﻟﻤﺠﺮﺩ، ﻭﺗﺬﻭّﻕ ﻋﺸﻖ ﺍﻟﺠﻤﺎﻝ، ﻭﺍﻟﺸﻮﻕ ﺇﻟﻰ ﻣﺤﺒﺔ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ.. ﻭلا ﻳﺨﺪﻉ ﺃﺑﺪﺍ.

ﻓﻬﻮ لا ﻳﻨﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻜﺎﺋﻨﺎﺕ ﻣﻦ ﺯﺍﻭﻳﺔ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ، ﺑﻞ ﻳﺬﻛﺮﻫﺎ ﺻﻨﻌﺔ ﺇﻟﻬﻴﺔ، ﺻﺒﻐﺔ ﺭﺣﻤﺎﻧﻴﺔ، ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﺤﻴﺮ ﺍﻟﻌﻘﻮﻝ.

ﻓﻴﻠﻘّﻦ ﻧﻮﺭ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺍﻟﺼﺎﻧﻊ.. ﻭﻳﺒﻴﻦ ﺁﻳﺎﺗﻪ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ..

ﻭﺍلأﺩَﺑﺎﻥ.. ﻛـلاﻫﻤﺎ ﻳﻮﺭﺛﺎﻥ ﺣﺰﻧﺎ ﻣﺆﺛﺮﺍ. ﺇلا ﺃﻧﻬﻤﺎ لا ﻳﺘﺸﺎﺑﻬﺎﻥ.

ﻓﻤﺎ ﻳﻮﺭﺛﻪ ﺃﺩﺏ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﻫﻮ ﺣﺰﻥ ﻣﻬﻤﻮﻡ، ﻧﺎﺷﺊ ﻣﻦ ﻓﻘﺪﺍﻥ ﺍلأﺣﺒﺎﺏ، ﻭﻓﻘﺪﺍﻥ ﺍﻟﻤﺎﻟﻚ. ﻭلا ﻳﻘﺪﺭ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﺢ ﺣﺰﻥ ﺭﻓﻴﻊ ﺳﺎﻡٍ؛ ﺇﺫ ﺍﺳﺘﻠﻬﺎﻡ ﺍﻟﺸﻌﻮﺭ ﻣﻦ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺻﻤﺎﺀ، ﻭﻗﻮﺓ ﻋﻤﻴﺎﺀ ﻳﻤﻠﺆﻩ ﺑﺎلآلاﻡ ﻭﺍﻟﻬﻤﻮﻡ ﺣﺘﻰ ﻳﻐﺪﻭ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻣﻠﻴﺌﺎ ﺑﺎلأﺣﺰﺍﻥ، ﻭﻳﻠﻘﻲ ﺍلإﻧﺴﺎﻥ ﻭﺳﻂ ﺃﺟﺎﻧﺐ ﻭﻏﺮﺑﺎﺀ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻪ ﺣﺎﻡٍ ﻭلا ﻣﺎﻟﻚ  ﻓﻴﻈﻞ ﻓﻲ ﻣﺄﺗﻤﻪ ﺍﻟﺪﺍﺋﻢ… ﻭﻫﻜﺬﺍ ﺗﻨﻄﻔﺊ ﺃﻣﺎﻣﻪ ﺍلآﻣﺎﻝ.

ﻓﻬﺬﺍ ﺍﻟﺸﻌﻮﺭ ﺍﻟﻤﻠﻲﺀ ﺑﺎلأﺣﺰﺍﻥ ﻭﺍلآلاﻡ ﻳﻬﻴﻤﻦ ﻋﻠﻰ ﻛﻴﺎﻥ ﺍلإﻧﺴﺎﻥ، ﻓﻴﺴﻮﻗﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻀـلاﻝ، ﻭﺇﻟﻰ ﺍلإﻟﺤﺎﺩ، ﻭﺇﻟﻰ ﺇﻧﻜﺎﺭ ﺍﻟﺨﺎﻟﻖ.. ﺣﺘﻰ ﻳﺼﻌﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻌﻮﺩﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺼﻮﺍﺏ، ﺑﻞ ﻗﺪ لا ﻳﻌﻮﺩ ﺃﺻـلا.

ﺃﻣﺎ ﺃﺩﺏ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ: ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻤﻨﺢ ﺣﺰﻧﺎ ﺳﺎﻣﻴﺎ ﻋﻠﻮﻳﺎ، ﺫﻟﻚ ﻫﻮ ﺣﺰﻥ ﺍﻟﻌﺎﺷﻖ، لا ﺣﺰﻥ ﺍﻟﻴﺘﻴﻢ.. ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﺰﻥ ﻧﺎﺑﻊ ﻣﻦ ﻓﺮﺍﻕ ﺍلأﺣﺒﺎﺏ، لا ﻣﻦ ﻓﻘﺪﺍﻧﻬﻢ.

ﻳﻨﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻜﺎﺋﻨﺎﺕ؛ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻬﺎ ﺻﻨﻌﺔ ﺇﻟﻬﻴﺔ، ﺭﺣﻴﻤﺔ، ﺑﺼﻴﺮﺓ ﺑﺪلا ﻣﻦ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﻋﻤﻴﺎﺀ. ﺑﻞ لا ﻳﺬﻛﺮﻫﺎ ﺃﺻـلا، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻳﺒﻴﻦ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﺍلإﻟﻬﻴﺔ ﺍﻟﺤﻜﻴﻤﺔ، ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﺍﻟﺸﺎﻣﻠﺔ، ﺑﺪلا ﻣﻦ ﻗﻮﺓ ﻋﻤﻴﺎﺀ.

ﻓـلا ﺗﻠﺒﺲ ﺍﻟﻜﺎﺋﻨﺎﺕ ﺻﻮﺭﺓ ﻣﺄﺗﻢ ﻣﻮﺣﺶ، ﺑﻞ ﺗﺘﺤﻮﻝ  ﺃﻣﺎﻡ ﻧﺎﻇﺮﻳﻪ  ﺇﻟﻰ ﺟﻤﺎﻋﺔ ﻣﺘﺤﺎﺑّﺔ، ﺇﺫ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺯﺍﻭﻳﺔ ﺗﺠﺎﻭﺏ. ﻭﻓﻲ ﻛﻞ ﺟﺎﻧﺐ ﺗﺤﺎﺑﺐ. ﻭﻓﻲ ﻛﻞ ﻧﺎﺣﻴﺔ ﺗﺂﻧﺲ.. لا ﻛﺪﺭ ﻭلا ﺿﻴﻖ… ﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺷﺄﻥ ﺍﻟﺤﺰﻥ ﺍﻟﻌﺎﺷﻘﻲ.

ﻭﺳﻂ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺠﻠﺲ ﻳﺴﺘﻠﻬﻢ ﺍلإﻧﺴﺎﻥ ﺷﻌﻮﺭﺍ ﺳﺎﻣﻴﺎ، لا ﺣﺰﻧﺎ ﻳﻀﻴﻖ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﺼﺪﺭ.

ﺍلأﺩﺑﺎﻥ.. ﻛـلاﻫﻤﺎ ﻳﻌﻄﻴﺎﻥ ﺷﻮﻗﺎ ﻭﻓﺮﺣﺎ.

ﻓﺎﻟﺸﻮﻕ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﻄﻴﻪ ﺫﻟﻚ ﺍلأﺩﺏ ﺍلأﺟﻨﺒﻲ؛ ﺷﻮﻕ ﻳﻬﻴﺞ ﺍﻟﻨﻔﺲ، ﻭﻳﺒﺴﻂ ﺍﻟﻬﻮﺱ.. ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﻤﻨﺢ ﺍﻟﺮﻭﺡ ﺷﻴﺌﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﺮﺡ ﻭﺍﻟﺴﺮﻭﺭ؛ ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺍﻟﺸﻮﻕ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻬﺒﻪ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ؛ ﺷﻮﻕ ﺗﻬﺘﺰ ﻟﻪ ﺟﻨﺒﺎﺕ ﺍﻟﺮﻭﺡ، ﻓﺘﻌﺮﺝ ﺑﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻌﺎﻟﻲ.

ﻭﺑﻨﺎﺀً ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴﺮ: ﻓﻘﺪ ﻧﻬﺖ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﺍﻟﻐﺮﺍﺀ ﻋﻦ ﺍﻟﻠﻬﻮ، ﻭﻣﺎ ﻳُﻠﻬﻲ.. ﻓﺤﺮّﻣﺖ ﺑﻌﺾ ﺁلاﺕ ﺍﻟﻠﻬﻮ، ﻭﺃﺑﺎﺣﺖ ﺃﺧﺮﻯ.

  ﺑﻤﻌﻨﻰ: ﺃﻥ ﺍلآﻟﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺆﺛﺮ ﺗﺄﺛﻴﺮﺍ ﺣﺰﻳﻨﺎ ﺣﺰﻧﺎ ﻗﺮﺁﻧﻴﺎ ﻭﺷﻮﻗﺎ ﺗﻨﺰﻳﻠﻴﺎ، لا ﺗﻀﺮ. ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺇﻥ ﺃﺛﺮﺕ ﻓﻲ ﺍلإﻧﺴﺎﻥ ﺗﺄﺛﻴﺮﺍ ﻳﺘﻴﻤﻴﺎ ﻭﻫﻴّﺠﺖ ﺷﻮﻗﺎ ﻧﻔﺴﺎﻧﻴﺎ ﺷﻬﻮﻳﺎ، ﺗﺤﺮﻡ ﺍلآﻟﺔ.

ﺗﺘﺒﺪﻝ ﺣﺴﺐ ﺍلأﺷﺨﺎﺹ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ.. ﻭﺍﻟﻨﺎﺱ ﻟﻴﺴﻮﺍ ﺳﻮﺍﺀ.

     ﺍلأﻏﺼﺎﻥ ﺗﻘﺪﻡ ﺍﻟﺜﻤﺮﺍﺕ ﺑﺎﺳﻢ ﺍﻟﺮﺣﻤﺔ ﺍلإﻟﻬﻴﺔ

    ﺇﻥ ﺃﻏﺼﺎﻥ ﺷﺠﺮﺓ ﺍﻟﺨﻠﻴﻘﺔ ﺗﻘﺪﻡ ﺛﻤﺮﺍﺕ ﺍﻟﻨﻌﻢ ﻭﺗﻮﺻﻠﻬﺎ ﻇﺎﻫﺮﺍ ﺇﻟﻰ ﺃﻳﺪﻱ ﺍلأﺣﻴﺎﺀ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻧﺎﺣﻴﺔ ﻣﻦ ﺃﻧﺤﺎﺀ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ. ﺑﻞ ﺗﻘﺪﻡ ﺇﻟﻴﻜﻢ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺜﻤﺮﺍﺕِ ﺑﺘﻠﻚ ﺍلأﻏﺼﺎﻥ ﻣﻦ ﻳﺪ ﺍﻟﺮﺣﻤﺔ ﻭﻳﺪ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ.

ﻓﻘﺒِّﻠﻮﺍ ﻳﺪ ﺍﻟﺮﺣﻤﺔ ﺗﻠﻚ، ﺑﺎﻟﺸﻜﺮ،

ﻭﻗﺪّﺳﻮﺍ ﻳﺪ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﺗﻠﻚ، ﺑﺎلاﻣﺘﻨﺎﻥ.

     ﺑﻴﺎﻥ ﺍﻟﻄﺮﻕ ﺍﻟﺜـلاﺙ ﺍﻟﻤﺸﺎﺭ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻓﻲ ﺧﺘﺎﻡ ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻔﺎﺗﺤﺔ

    ﻳﺎ ﺃﺧﻲ! ﻳﺎ ﻣﻦ ﺍﻣﺘـلأ ﺻﺪﺭﻩ ﺑﺎلأﻣﻞ ﺍﻟﻤﺸﺮﻕ! ﺃﻣﺴﻚْ ﺧﻴﺎﻟﻚ ﻓﻲ ﻳﺪﻙ، ﻭﺗﻌﺎﻝ ﻣﻌﻲ.. ﻧﺤﻦ ﺍلآﻥ ﻓﻲ ﺃﺭﺽ ﻭﺍﺳﻌﺔ، ﻧﻨﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﺟﻮﺍﻧﺒﻬﺎ، ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﺮﺍﻧﺎ ﺃﺣﺪ، ﻭﻟﻜﻦ ﺃُﻟﻘﻲ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻏﻴﻢ ﺃﺳﻮﺩ ﻣﻈﻠﻢ، ﻓﻬﺒﻂ ﻋﻠﻰ ﺟﺒﺎﻝٍ ﺷُﻢٍّ، ﺣﺘﻰ ﻏﻄﻰ ﻭﺟﻪ ﺃﺭﺿﻨﺎ ﺑﺎﻟﻈﻠﻤﺎﺕ، ﺑﻞ ﻛﺄﻧﻪ ﺳﻘﻒ ﺻﻠﺐ ﻛﺜﻴﻒ.. ﺇلا ﺃﻧﻪ ﺳﻘﻒٌ ﺗُﺮﻯ ﺍﻟﺸﻤﺲُ ﻣﻦ ﺟﻬﺘﻪ ﺍلأﺧﺮﻯ.

ﻭﻟﻜﻨﻨﺎ ﻧﺤﻦ ﺗﺤﺖ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻐﻴﻢ ﺍﻟﻜﺜﻴﻒ، لا ﻧﻜﺎﺩ ﻧﻄﻴﻖ ﺿﻴﻖ ﺍﻟﻈﻠﻤﺎﺕ، ﻭﻳﺨﻨﻘﻨﺎ ﺍﻟﻀﺠﺮ ﻭﺍلاﻧﻘﺒﺎﺽ، ﻓﻔﻘﺪﺍﻥ ﺍﻟﻬﻮﺍﺀ ﻣﻤﻴﺖ!.

ﻭﺇﺫ ﻧﺤﻦ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻀﻴﻖ ﺍﻟﺨﺎﻧﻖ ﺍﻧﻔﺘﺤﺖ ﺃﻣﺎﻣﻨﺎ ﺛـلاﺙ ﻃﺮﻕ ﺗﺆﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﻤﻀﻲﺀ. ﻭﻟﻘﺪ ﺃﺗﻴﻨﺎﻩ ﻣﺮﺓً ﻭﺷﺎﻫﺪﻧﺎﻩ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ. ﻓﻤﻀﻴﻨﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﺮﻕ ﺍﻟﺜـلاﺙ، ﻛﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻧﻔﺮﺍﺩ:

ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺍلأﻭﻟﻰ: ﻣﻌﻈﻢ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻳﻤﺮﻭﻥ ﻣﻨﻬﺎ، ﻓﻬﻲ ﺳﻴﺎﺣﺔ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ؛ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺣﺔ ﺗﺸﺪّﻧﺎ ﺇﻟﻴﻬﺎ.. ﻓﻬﺎ ﻧﺤﻦ ﻧﺪﺭﺝ ﻓﻲ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﻧﺴﻴﺮ ﻣﺸﻴﺎ ﻋﻠﻰ ﺍلأﻗﺪﺍﻡ.. ﻓﻬﺎ ﺗﺠﺎﺑﻬﻨﺎ ﺑﺤﺎﺭ ﺍﻟﺮﻣﺎﻝ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﺤﺮﺍﺀ ﺍﻟﻮﺍﺳﻌﺔ.. ﺍﻧﻈﺮ ﻛﻴﻒ ﺗﻐﻀﺐ ﻋﻠﻴﻨﺎ. ﻭﺗﺴﺘﻄﻴﺮ ﻏﻴﻈﺎ ﻭﺗﺰﺟﺮﻧﺎ ﺯﺟﺮﺍ.. ﻭﺍﻧﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﺃﻣﻮﺍﺝٍ ﻛﺎﻟﺠﺒﺎﻝ ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ.. ﺇﻧﻬﺎ ﺗﺤﺘﺪ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻭﻫﺎ ﻧﺤﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻬﺔ ﺍلأﺧﺮﻯ.. ﻭﺍﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ. ﻧﺘﻨﻔﺲ ﺍﻟﺼﻌﺪﺍﺀ.. ﻧﺮﻯ ﻭﺟﻪ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﺍﻟﻤﻀﻲﺀ. ﻭﻟﻜﻦ لا ﺃﺣﺪ ﻳﻘﺪّﺭ ﻣﺪﻯ ﻣﺎ ﻗﺎﺳﻴﻨﺎ ﻣﻦ ﺃﺗﻌﺎﺏ ﻭﺁلاﻡ.

ﻭﻟﻜﻦ ﻭﺍ ﺃﺳﻔﻰ! ﻟﻘﺪ ﺭﺟﻌﻨﺎ ﻣﺮﺓ ﺛﺎﻧﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﻫﺬﻩ ﺍلأﺭﺽ ﺍﻟﻤﻮﺣﺸﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻃﺒﻘﺖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﻐﻴﻮﻡ ﺑﺎﻟﻈﻠﻤﺎﺕ ﻭﻧﺤﻦ ﺃﺣﻮﺝ ﻣﺎ ﻧﻜﻮﻥ ﺇﻟﻰ ﻋﺎﻟﻢ ﻣﻀﻲﺀ ﻳﻔﺘﺢ ﺑﺼﻴﺮﺗﻨﺎ.

ﺇﻥ ﻛﻨﺖ ﺫﺍ ﺷﺠﺎﻋﺔ ﻓﺎﺋﻘﺔ ﻓﺮﺍﻓﻘﻨﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺍﻟﻤﻠﻴﺌﺔ ﺑﺎﻟﻤﺨﺎﻃﺮ، ﺳﻨﺨﻮﺿﻬﺎ ﺑﺸﺠﺎﻋﺔ.

ﻭﻫﻲ ﻃﺮﻳﻘﻨﺎ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ: ﻧﺜﻘﺐ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺍلأﺭﺽ، ﻧﻨﻘﺐ ﻓﻴﻬﺎ ﻟﻨﻨﻔﺬ ﻭﻧﺒﻠﻎ ﺍﻟﺠﻬﺔ ﺍلأﺧﺮﻯ. ﻧﻤﻀﻲ ﻓﻲ ﺃﻧﻔﺎﻕ ﻓﻄﺮﻳﺔ ﻓﻲ ﺍلأﺭﺽ ﻭﺍﻟﺨﻮﻑُ ﻳﺤﻴﻄﻨﺎ.. ﻓﻠﻘﺪ ﺷﺎﻫﺪﺕُ -ﻓﻲ ﺯﻣﻦ ﻣﺎ- ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﻭﻣﻀﻴﺖ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﻮﺟﻞ ﻭﺍﺿﻄﺮﺍﺏ ﻭﻟﻜﻦ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻲ ﻳﺪﻱ ﺁﻟﺔ ﺃﻭ ﻣﺎﺩﺓ ﺗﺬﻳﺐ ﺃﺭﺽ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻭﺗﺨﺮﻗﻬﺎ ﻭﺗﻤﻬﺪ ﺍﻟﺴﺒﻴﻞ.. ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﺃﻋﻄﺎﻧﻴﻬﺎ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ.

ﻳﺎ ﺃﺧﻲ! لا ﺗﺘﺮﻛﻨﻲ. ﺍﺗﺒﻌﻨﻲ. لا ﺗﺨﻒ ﺃﺑﺪﺍ. ﺍﻧﻈﺮ ﻓﻬﺎ ﺃﻣﺎﻣﻚ ﻛﻬﻮﻑ ﻭﻣﻐﺎﺭﺍﺕ ﻛﺎلأﻧﻔﺎﻕ ﺗﺤﺖ ﺍلأﺭﺽ، ﺗﻨﺘﻈﺮﻧﺎ ﻭﺗﺴﻬّﻞ ﻟﻨﺎ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺠﻬﺔ ﺍلأﺧﺮﻯ.

لا ﺗﺮﻭّﻋﻚ ﺻـلاﺑﺔ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ، ﻓﺈﻥ ﺗﺤﺖ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻮﺟﻪ ﺍﻟﻌﺒﻮﺱ ﺍﻟﻘﻤﻄﺮﻳﺮ ﻭﺟﻪَ ﻣﺎﻟﻜﻬﺎ ﺍﻟﺒﺎﺳﻢ. ﺇﻥ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﺍﻟﻘﺮﺁﻧﻴﺔ ﻣﺎﺩﺓ ﻣﺸﻌﺔ ﻛﺎﻟﺮﺍﺩﻳﻮﻡ.

ﺑﺸﺮﺍﻙ ﻳﺎ ﺃﺧﻲ! ﻓﻠﻘﺪ ﺧﺮﺟﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﻤﻨﻮﺭ.. ﺍﻧﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﺍلأﺭﺽ ﺍﻟﺠﻤﻴﻠﺔ، ﻭﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﺍﻟﻠﻄﻴﻔﺔ ﺍﻟﻤﺰﻳﻨﺔ.. ﺃلا ﺗﺮﻓﻊ ﺭﺃﺳﻚ ﻳﺎ ﺃﺧﻲ ﻟﺘﺸﺎﻫﺪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺬﻱ ﻏﻄﻰ ﻭﺟﻪ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﻛﻠﻬﺎ ﻭﺳﻤﺎ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﻐﻴﻮﻡ. ﺇﻧﻪ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ.. ﺷﺠﺮﺓ ﻃﻮﺑﻰ ﺍﻟﺠﻨﺔ.. ﻣﺪّﺕ ﺃﻏﺼﺎﻧﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺃﺭﺟﺎﺀ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﻛﻠﻪ. ﻭﻣﺎ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺇلا ﺍﻟﺘﻌﻠﻖ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﻐﺼﻦ ﺍﻟﻤﺘﺪﻟﻲ ﻭﺍﻟﺘﺸﺒﺚ ﺑﻪ، ﻓﻬﻮ ﺑﻘﺮﺑﻨﺎ ﻟﻴﺄﺧﺬﻧﺎ ﺇﻟﻰ ﻫﻨﺎﻙ.. ﺇﻟﻰ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺸﺠﺮﺓ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﻳﺔ ﺍﻟﺮﻓﻴﻌﺔ.

ﺇﻥ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﺍﻟﻐﺮﺍﺀ ﻧﻤﻮﺫﺝ ﻣﺼﻐﺮ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺸﺠﺮﺓ ﺍﻟﻤﺒﺎﺭﻛﺔ.

ﻓﻠﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﺑﺎﺳﺘﻄﺎﻋﺘﻨﺎ ﺇﺫﻥ ﺑﻠﻮﻍُ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﻤﻀﻲﺀ ﺑﺘﻠﻚ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ.. ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ، ﻣﻦ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻧﺮﻯ ﺻﻌﻮﺑﺔ ﻭﻛﻠـلا.

ﺑﻴﺪ ﺃﻧﻨﺎ ﺃﺧﻄﺄﻧﺎ ﺍﻟﺴﻴﺮ. ﻓﻠﻨﺮﺟﻊ ﺍﻟﻘﻬﻘﺮﻯ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﻛﻨﺎ ﻓﻴﻪ ﻟﻨﺴﻠﻚ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﻴﻢ.. ﻓﺎﻧﻈﺮ ﻓﻬﺎ ﻫﻲ:

ﻃﺮﻳﻘﻨﺎ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ: ﺍﻟﺪﺍﻋﻴﺔ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﻳﻘﻒ ﻣﻨﺘﺼﺒﺎ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺸﻮﺍﻫﻖ ﺍﻟﺮﺍﺳﻴﺔ.. ﺇﻧﻪ ﻳﻨﺎﺩﻱ ﻣﺆﺫﻧﺎ ﺑ«ﺣﻴﻬﻠﻮﺍ ﺇﻟﻰ ﻋﺎﻟﻢ ﺍﻟﻨﻮﺭ».. ﺇﻧﻪ ﻳﺸﺘﺮﻁ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺍﻟﺪﻋﺎﺀ ﻭﺍﻟﺼـلاﺓ.. ﺇﻧﻪ ﺍﻟﻤﺆﺫﻥ ﺍلأﻋﻈﻢ ﻣﺤﻤﺪ ﺍﻟﻬﺎﺷﻤﻲ  صلى الله عليه وسلم.

ﺍﻧﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺠﺒﺎﻝ.. ﺟﺒﺎﻝ ﺍﻟﻬﺪﻯ، ﻭﻗﺪ ﺍﺧﺘﺮﻗﺖ ﺍﻟﻐﻴﻮﻡ، ﺇﻧﻬﺎ ﺗﻨﺎﻃﺢ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﺍﺕ.

ﻭﺍﻧﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﺟﺒﺎﻝ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﺍﻟﺸﺎﻫﻘﺔ ﺇﻧﻬﺎ ﺟﻤّﻠﺖ ﻭﺟﻪَ ﺃﺭﺿﻨﺎ ﻭﺃﺯﻫَﺮﺗﻬﺎ. ﻭﻋﻠﻴﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﺤﻠّﻖ ﺑﺎﻟﻬﻤﺔ ﻟﻨﺮﻯ ﺍﻟﻀﻴﺎﺀ ﻫﻨﺎﻙ ﻭﻧﺮﻯ ﻧﻮﺭ ﺍﻟﺠﻤﺎﻝ.

ﻧﻌﻢ، ﻓﻬﺎ ﻫﻨﺎ.. ﺃُﺣُﺪ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ.. ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺠﺒﻞ ﺍﻟﺤﺒﻴﺐ ﺍﻟﻌﺰﻳﺰ.

ﻭﻫﺎ ﻫﻨﺎﻙ.. ﺟﻮﺩﻱُّ ﺍلإﺳـلاﻡ.. ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺠﺒﻞ ﺍلأﺷﻢ.. ﺟﺒﻞ ﺍﻟﺴـلاﻣﺔ ﻭﺍلاﻃﻤﺌﻨﺎﻥ.

ﻭﻫﺎ ﻫﻮ ﺟﺒﻞ ﺍﻟﻘﻤﺮ، ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍلأﺯﻫﺮ.. ﻳﺴﻴﻞ ﻣﻨﻪ ﺯلاﻝ ﺍﻟﻨﻴﻞ. ﻓﺎﺷﺮﺏ ﻫﻨﻴﺌﺎ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﺍﻟﻌﺬﺏ ﺍﻟﺴﻠﺴﺒﻴﻞ.

ﻓﺘﺒﺎﺭﻙ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﺣﺴﻦ ﺍﻟﺨﺎﻟﻘﻴﻦ. ﻭﺁﺧﺮ ﺩﻋﻮﺍﻧﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ ﺭﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ.

ﻓﻴﺎ ﺃﺧﻲ  ﺍﻃﺮﺡْ ﺍلآﻥ ﺍﻟﺨﻴﺎﻝ، ﻭﺗﻘﻠّﺪ ﺍﻟﻌﻘﻞ.

ﺇﻥ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﻴﻦ ﺍلأﻭﻟﻴﻴﻦ، ﻫﻤﺎ ﻃﺮﻳﻖ: «ﺍﻟﻤﻐﻀﻮﺏ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻭﺍﻟﻀﺎﻟﻴﻦ» ﻓﻔﻴﻬﻤﺎ ﻣﺨﺎﻃﺮ ﻛﺜﻴﺮﺓ، ﻓﻬﻤﺎ ﺷﺘﺎﺀ ﺩﺍﺋﻢ لا ﺭﺑﻴﻊ ﻓﻴﻬﻤﺎ. ﺑﻞ ﺭﺑﻤﺎ لا ﻳﻨﺠﻮ ﺇلا ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﻣﺎﺋﺔ ﺷﺨﺺ ﻗﺪ ﺳﻠﻚ ﻓﻴﻬﻤﺎ.. ﻛﺄﻓـلاﻃﻮﻥ ﻭﺳﻘﺮﺍﻁ.

ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ: ﻓﻬﻲ ﺳﻬﻠﺔ ﻗﺼﻴﺮﺓ، لأﻧﻬﺎ ﻣﺴﺘﻘﻴﻤﺔ، ﺍﻟﻀﻌﻴﻒ ﻭﺍﻟﻘﻮﻱ ﻓﻴﻬﺎ ﺳﻴّﺎﻥ. ﻭﺍﻟﻜﻞ ﻳﻤﻜﻨﻪ ﺃﻥ ﻳﻤﻀﻲ ﻓﻴﻬﺎ.

ﺃﻣﺎ ﺃﻓﻀﻞ ﺍﻟﻄﺮﻕ ﻭﺃﺳﻠﻤﻬﺎ ﻓﻬﻮ: ﺃﻥ ﻳﺮﺯﻗﻚ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺓ ﺃﻭ ﺷﺮﻑ ﺍﻟﺠﻬﺎﺩ.

ﻓﻬﺎ ﻧﺤﻦ ﺍلآﻥ ﻋﻠﻰ ﻋﺘﺒﺔ ﺍﻟﻨﺘﻴﺠﺔ.

ﺇﻥ ﺍﻟﺪﻫﺎﺀ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ﻳﺴﻠﻚ ﻓﻲ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﻴﻦ ﺍلأﻭﻟﻴﻴﻦ.

ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻬﺪﻯ ﺍﻟﻘﺮﺁﻧﻲ، ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺼﺮﺍﻁ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﻴﻢ، ﻓﻬﻮ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻓﻬﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺒﻠﻐﻨﺎ ﻫﻨﺎﻙ.

ﺍﻟﻠّﻬﻢ ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ﴾. ﺁﻣﻴﻦ.

  *     *     *