38

نعم، بينما كان سعيد النُّورْسِيّ محتاجًا إلى الكثير من الأعوان، وإلى تشجيع الحكومة والشعب وتأييدها له في خدمته الإيمانية القرآنية ضد تيارات الإلحاد واللادينية، إذا به يتلقى على العكس من ذلك أنواعًا من الافتراءات والتلفيقات والاتهامات لكي يُزَجَّ به في السجون، وتُمحى مؤلفاته، وينفضَّ الناس من حوله!! فلا بد له في هذه الحال من أن يدافع عن مسلكه الحق، ولا بد أن يقول الحقيقة تبرئةً لخدمته مما افتري عليها، كيف لا وهي الخدمة المعنيَّة بشرف القرآن ومقامِ النبوة السامي على صاحبه الصلاة والسلام؟!

أجل، لا بد أن يقوم بذلك حتى وإن لقي من بعض الناس ما لقي من الانتقاص لشخصه، فإنه راضٍ بهذا الضرر الشخصي في سبيل استفادة العامة وسعادتهم؛ فبهذا الاعتبار ينبغي النظر إلى ما يُبيَّن وينشر من الثناء على رسائل النور والتقدير لها، وإلا تضررت الخدمة الإيمانية.

على أننا لسنا في زمان التحرك بفكرٍ ضيقٍ محدود، فهاهم الملاحدة واللادينيون يبذلون قُصارى جهدهم لعرض مناهجهم الضارة، وعقائدهم الهدامة، وشخصياتهم البطولية الزائفة، فيقدمونها للناس تحيط بها هالةٌ من المدح والثناء، بُغيةَ أن تنال الإعجاب وتُقابَل بالتصفيق، مع أنها ليست بأهلٍ لشيءٍ من ذلك أصلًا.

ولا داعي لأن نذهب بعيدًا، فإذا كان زعماء التيارات اللادينية الرهيبة حول العالم يُقدَّمون على أنهم أبطالٌ عظماء، فلماذا لا يَمدح المسلمون دينهم الحقَّ ويثنون عليه؟! ولماذا لا ينشرون كمالاته ومعاليَه؟! ولماذا لا تمدح مؤلَّفاتٌ كانت مرآةً للقرآن، وجابَهَتْ تيارات اللادينية في هذا الزمان، وأدَّتْ أعظم الخدمات للدين؟! ولماذا لا يُمدَح مؤلِّفها المحترم المتواضع الذي تعرَّض لظلمٍ لا حدود له؟!

هذا مع أن الكتابات التي كُتِبت بهذا الصدد لم تكن موضوعاتٍ نظريَّةً مجردة، بل هي في أكثرها حقائق تُنْشر دفاعًا وردًّا على الافتراءات بحقه.

***