ﺳﺆﺍﻝ ﻣﻬﻢ

ﺗﻘﻮﻟﻮﻥ: ﺇﻥ ﺍﻟﻤﺤﺒﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭﻳﺔ، لا ﺗﻘﻊ ﺗﺤﺖ ﺇﺭﺍﺩﺗﻨﺎ، ﻓﺄﻧﺎ ﺑﻤﻘﺘﻀﻰ ﺣﺎﺟﺘﻲ ﺍﻟﻔﻄﺮﻳﺔ ﺃﺣﺐ ﺍلأﻃﻌﻤﺔ ﺍﻟﻠﺬﻳﺬﺓ ﻭﺍﻟﻔﻮﺍﻛﻪ ﺍﻟﻄﻴﺒﺔ، ﻭﺃﺣﺐ ﻭﺍﻟﺪﻱّ ﻭﺃﻭلاﺩﻱ ﻭﺯﻭﺟﺘﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﺭﻓﻴﻘﺔ ﺣﻴﺎﺗﻲ، ﻭﺃﺣﺐ ﺍلأﻧﺒﻴﺎﺀ ﺍﻟﻤﻜﺮﻣﻴﻦ ﻭﺍلأﻭﻟﻴﺎﺀ ﺍﻟﺼﺎﻟﺤﻴﻦ، ﻭﺃﺣﺐ ﺷﺒﺎﺑﻲ ﻭﺣﻴﺎﺗﻲ ﻭﺃﺣﺐ ﺍﻟﺮﺑﻴﻊ ﻭﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﺟﻤﻴﻞ، ﻭﺑﻌﺒﺎﺭﺓ ﺃﻭﺟﺰ ﺃﻧﺎ ﺃﺣﺐ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ، ﻭﻟِﻢَ لا ﺃﺣﺐ ﻛﻞ ﻫﺬﻩ؟.. ﻭﻟﻜﻦ ﻛﻴﻒ ﺃﺳﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﺃﻗﺪّﻡ ﺟﻤﻴﻊ ﻫﺬﻩ ﺍلأﻧﻮﺍﻉ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺤﺒﺔ ﻟﻠﻪ، ﻭﺃﺟﻌﻞ ﻣﺤﺒﺘﻲ لأﺳﻤﺎﺋﻪ ﺍﻟﺤﺴﻨﻰ ﻭﻟﺼﻔﺎﺗﻪ ﺍﻟﺠﻠﻴﻠﺔ ﻭﻟﺬﺍﺗﻪ ﺍﻟﻤﻘﺪﺳﺔ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ؟ ﻣﺎﺫﺍ ﻳﻌﻨﻲ ﻫﺬﺍ؟.

ﺍﻟﺠﻮﺍﺏ: ﻋﻠﻴﻚ ﺃﻥ ﺗﺴﺘﻤﻊ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﻜﺎﺕ ﺍلأﺭﺑﻊ ﺍلآﺗﻴﺔ:

   ﺍﻟﻨﻜﺘﺔ ﺍلأﻭﻟﻰ:

ﺇﻥّ ﺍﻟﻤﺤﺒﺔ ﻭﺇﻥ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭﻳﺔ، ﺇلا ﺃﻧﻬﺎ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳُﺤﻮَّﻝ ﻭﺟﻬُﻬﺎ ﺑﺎلإﺭﺍﺩﺓ ﻣﻦ ﻣﺤﺒﻮﺏ ﺇﻟﻰ ﺁﺧﺮ؛ ﻛﺄﻥ ﻳﻈﻬﺮَ ﻗﺒﺢُ ﺍﻟﻤﺤﺒﻮﺏ ﻭﺣﻘﻴﻘﺘُﻪ ﻣﺜـلا، ﺃﻭ ﻳُﻌﺮَﻑ ﺃﻧﻪ ﺣﺠﺎﺏ ﻭﺳﺘﺎﺭ ﻟﻤﺤﺒﻮﺏ ﺣﻘﻴﻘﻲ ﻳﺴﺘﺤﻖ ﺍﻟﻤﺤﺒﺔ، ﺃﻭ ﻣﺮﺁﺓ ﻋﺎﻛﺴﺔ ﻟﺠﻤﺎﻝ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻤﺤﺒﻮﺏ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ، ﻓﻌﻨﺪﻫﺎ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳُﺼﺮَﻑ ﻭﺟﻪُ ﺍﻟﻤﺤﺒﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺤﺒﻮﺏ ﺍﻟﻤﺠﺎﺯﻱ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺤﺒﻮﺏ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ.

  ﺍﻟﻨﻜﺘﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ:

ﻧﺤﻦ لا ﻧﻘﻮﻝ ﻟﻚ: لا ﺗﺤﻤﻞ ﻭﺩّﺍ ﻭلا ﺣﺒﺎ ﻟﻜﻞ ﻣﺎ ﺫﻛﺮﺗَﻪ ﺁﻧﻔﺎ. ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻧﻘﻮﻝ ﺍﺟﻌﻞ ﻣﺤﺒﺘﻚ ﻟﻤﺎ ﺫﻛﺮﺗَﻪ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻟﻮﺟﻬﻪ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ.

ﻓﺎﻟﺘﻠﺬﺫ ﺑﺎلأﻃﻌﻤﺔ ﺍﻟﺸﻬﻴﺔ ﻭﺗﺬّﻭﻕ ﺍﻟﻔﻮﺍﻛﻪ ﺍﻟﻄﻴﺒﺔ ﻣﻊ ﺍﻟﺘﺬﻛﺮ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﺇﺣﺴﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺇﻧﻌﺎﻡ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ، ﻳﻌﻨﻲ ﺍﻟﻤﺤﺒﺔ لاﺳﻢ «ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ» ﻭﺍﺳﻢ «ﺍﻟﻤﻨﻌﻢ» ﻣﻦ ﺍلأﺳﻤﺎﺀ ﺍﻟﺤﺴﻨﻰ، ﻋـلاﻭﺓ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ ﺷﻜﺮ ﻣﻌﻨﻮﻱ. ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻳﺪﻟﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺤﺒﺔ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻟﻠﻨﻔﺲ ﻭﺍﻟﻬﻮﻯ ﺑﻞ لاﺳﻢ «ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ» ﻫﻮ ﻛﺴﺐ ﺍﻟﺮﺯﻕ ﺍﻟﺤـلاﻝ ﻣﻊ ﺍﻟﻘﻨﺎﻋﺔ ﺍﻟﺘﺎﻣﺔ ﺿﻤﻦ ﺍﻟﺪﺍﺋﺮﺓ ﺍﻟﻤﺸﺮﻭﻋﺔ، ﻭﺗﻨﺎﻭﻟﻪ ﺑﺎﻟﺘﻔﻜﺮ ﻓﻲ ﺃﻧﻪ ﻧﻌﻤﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﻊ ﺍﻟﺸﻜﺮ ﻟﻪ.

ﺛﻢ ﺇﻥّ ﻣﺤﺒﺘﻚ ﻟﻠﻮﺍﻟﺪﻳﻦ ﻭﺍﺣﺘﺮﺍﻣﻬﻤﺎ، ﺇﻧﻤﺎ ﻳﻌﻮﺩﺍﻥ ﺇﻟﻰ ﻣﺤﺒﺘﻚ ﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ؛ ﺇﺫ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻏﺮﺱ ﻓﻴﻬﻤﺎ ﺍﻟﺮﺣﻤﺔ ﻭﺍﻟﺸﻔﻘﺔ ﺣﺘﻰ ﻗﺎﻣﺎ ﺑﺮﻋﺎﻳﺘﻚ ﻭﺗﺮﺑﻴﺘﻚ ﺑﻜﻞ ﺭﺣﻤﺔ ﻭﺣﻜﻤﺔ. ﻭﻋـلاﻣﺔ ﻛﻮﻧﻬﻤﺎ ﻣﺤﺒﺔ ﻟﻮﺟﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ، ﻫﻲ ﺍﻟﻤﺒﺎﻟﻐﺔ ﻓﻲ ﻣﺤﺒﺘﻬﻤﺎ ﻭﺍﺣﺘﺮﺍﻣﻬﻤﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺒﻠﻐﺎﻥ ﺍﻟﻜﺒﺮ، ﻭلا ﻳﺒﻘﻰ ﻟﻚ ﻓﻴﻬﻤﺎ ﻣﻦ ﻣﻄﻤَﻊ. ﻓﺘُﻜﺜﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻔﻘﺔ ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ ﻭﺍﻟﺮﺣﻤﺔ ﻟﻬﻤﺎ ﺭﻏﻢ ﻣﺎ ﻳﺸﻐـلاﻧﻚ ﺑﺎﻟﻤﺸﺎﻛﻞ ﻭﻳﺜﻘـلاﻥ ﻛﺎﻫﻠﻚ ﺑﺎﻟﻤﺸﻘﺔ. ﻓﺎلآﻳﺔ ﺍﻟﻜﺮﻳﻤﺔ: ﴿إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا﴾ (ﺍلإﺳﺮﺍﺀ:23-24) ﺗﺪﻋﻮ ﺍلأﻭلاﺩ ﺇﻟﻰ ﺭﻋﺎﻳﺔ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻮﺍﻟﺪﻳﻦ ﻓﻲ ﺧﻤﺲ ﻣﺮﺍﺗﺐ، ﻭﺗﺒﻴﻦ ﻣﺪﻯ ﺃﻫﻤﻴﺔ ﺑﺮّﻫﻤﺎ ﻭﺷﻨﺎﻋﺔ ﻋﻘﻮﻗﻬﻤﺎ..

ﻭﺣﻴﺚ ﺇﻥّ ﺍﻟﻮﺍﻟﺪ لا ﻳﻘﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﺘﻘﺪﻣَﻪ ﺃﺣﺪ ﺳﻮﻯ ﺍﺑﻨﻪ ﺇﺫ لا ﻳﺤﻤﻞ ﻓﻲ ﻓﻄﺮﺗﻪ ﺣﺴﺪﺍ ﺇﻟﻴﻪ ﻣﻤﺎ ﻳﺴﺪّ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﻟﺪ ﻃﺮﻳﻖ ﻣﻄﺎﻟﺒﺔ ﺣﻘِّﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺍﻟﺪ؛ لأﻥ ﺍﻟﺨﺼﺎﻡ ﺇﻣﺎ ﻳﻨﺸﺄ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﺴﺪ ﻭﺍﻟﻤﻨﺎﻓﺴﺔ ﺑﻴﻦ ﺍﺛﻨﻴﻦ ﺃﻭ ﻳﻨﺸﺄ ﻣﻦ ﻏﻤﻂ ﺍﻟﺤﻖ، ﻓﺎﻟﻮﺍﻟﺪُ ﺳﻠﻴﻢ ﻣﻌﺎﻓﻰ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻓﻄﺮﺓ، ﻟﺬﺍ لا ﻳﺤﻖ ﻟﻠﻮﻟﺪ ﺇﻗﺎﻣﺔُ ﺍﻟﺪﻋﻮﻯ ﻋﻠﻰ ﻭﺍﻟﺪﻩ، ﺑﻞ ﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﺭﺃﻯ ﻣﻨﻪ ﺑﻐﻴﺎ ﻓﻠﻴﺲ ﻟﻪ ﺃﻥ ﻳﻌﺼﻴﻪ ﻭﻳﻌﻘّﻪ. ﺑﻤﻌﻨﻰ ﺃﻥ ﻣﻦ ﻳﻌﻖّ ﻭﺍﻟﺪﻳﻪ ﻭﻳﺆﺫﻳﻬﻤﺎ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺇلا ﺇﻧﺴﺎﻥ ﻣﻤﺴﻮﺥ ﺣﻴﻮﺍﻧﺎ ﻣﻔﺘﺮﺳﺎ.

ﺃﻣﺎ ﻣﺤﺒﺔُ ﺍلأﻭلاﺩ ﻓﻬﻲ ﻛﺬﻟﻚ ﻣﺤﺒﺔ ﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻭﺗﻌﻮﺩ ﺇﻟﻴﻪ، ﻭﺫﻟﻚ ﺑﺎﻟﻘﻴﺎﻡ ﺑﺮﻋﺎﻳﺘﻬﻢ ﺑﻜﻤﺎﻝ ﺍﻟﺸﻔﻘﺔ ﻭﺍﻟﺮﺣﻤﺔ ﺑﻜﻮﻧﻬﻢ ﻫﺒﺔً ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ. ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻌـلاﻣﺔ ﺍﻟﺪﺍﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻛﻮﻥ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﺤﺒﺔِ ﻟﻠﻪ ﻭﻓﻲ ﺳﺒﻴﻠﻪ ﻓﻬﻲ ﺍﻟﺼﺒﺮُ ﻣﻊ ﺍﻟﺸﻜﺮ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺒـلاﺀ، ﻭلا ﺳﻴّﻤﺎ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﻭﺍﻟﺘﺮﻓّﻊ ﻋﻦ ﺍﻟﻴﺄﺱ ﻭﺍﻟﻘﻨﻮﻁ ﻭﻫﺪﺭ ﺍﻟﺪﻋﺎﺀ، ﺑﻞ ﻳﺠﺐ ﺍﻟﺘﺴﻠﻴﻢ ﺑﺎﻟﺤﻤﺪ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ. ﻛﺄﻥ ﻳﻘﻮﻝ: ﺇﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺨﻠﻮﻕ ﻣﺤﺒﻮﺏ ﻟﺪﻯ ﺍﻟﺨﺎﻟﻖ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ، ﻭﻣﻤﻠﻮﻙ ﻟﻪ، ﻭﻗﺪ ﺃﻣِﻨَﻨِﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﻟﻔﺘﺮﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﺰﻣﻦ، ﻓﺎلآﻥ ﺍﻗﺘﻀﺖ ﺣﻜﻤﺘُﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﺃﻥ ﻳﺄﺧﺬﻩ ﻣﻨﻲ ﺇﻟﻰ ﻣﻜﺎﻥ ﺁﻣَﻦ ﻭﺃﻓﻀﻞ. ﻓﺈﻥ ﺗﻚُ ﻟﻲ ﺣﺼﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻇﺎﻫﺮﻳﺔ ﻓﻴﻪ، ﻓﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﺃﻟﻒُ ﺣﺼﺔ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﻓﻴﻪ. ﻓـلا ﻣﻨﺎﺹ ﺇﺫﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺴﻠﻴﻢ ﻟﺤﻜﻢ ﺍﻟﻠﻪ.

ﺃﻣﺎ ﻣﺤﺒﺔ ﺍلأﺻﺪﻗﺎﺀ ﻭﻭﺩّﻫﻢ، ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍلإﻳﻤﺎﻥ ﻭﺍﻟﺘﻘﻮﻯ ﻓﺈﻥ ﻣﺤﺒﺘﻬﻢ ﻫﻲ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺗﻌﻮﺩ ﺇﻟﻴﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﺑﻤﻘﺘﻀﻰ «ﺍﻟﺤﺐ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻪ».

ﺛﻢ ﺇﻥ ﻣﺤﺒﺔ ﺍﻟﺰﻭﺟﺔ ﻭﻫﻲ ﺭﻓﻴﻘﺔُ ﺣﻴﺎﺗﻚ، ﻓﻌﻠﻴﻚ ﺑﻤﺤﺒﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻬﺎ ﻫﺪﻳﺔ ﺃﻧﻴﺴﺔ ﻟﻄﻴﻔﺔ ﻣﻦ ﻫﺪﺍﻳﺎ ﺍﻟﺮﺣﻤﺔ ﺍلإﻟﻬﻴﺔ. ﻭﺇﻳﺎﻙ ﺃﻥ ﺗﺮﺑﻂ ﻣﺤﺒﺘَﻚ ﻟﻬﺎ ﺑﺮﺑﺎﻁ ﺍﻟﺠﻤﺎﻝ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﻱ ﺍﻟﺴﺮﻳﻊ ﺍﻟﺰﻭﺍﻝ، ﺑﻞ ﺃﻭﺛﻘﻬﺎ ﺑﺎﻟﺠﻤﺎﻝ ﺍﻟﺬﻱ لا ﻳﺰﻭﻝ ﻭﻳﺰﺩﺍﺩ ﺗﺄﻟﻘﺎ ﻳﻮﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﻳﻮﻡ، ﻭﻫﻮ ﺟﻤﺎﻝُ ﺍلأﺧـلاﻕ ﻭﺍﻟﺴﻴﺮﺓ ﺍﻟﻄﻴﺒﺔ ﺍﻟﻤﻨﻐﺮﺯﺓ ﻓﻲ ﺃﻧﻮﺛﺘﻬﺎ ﻭﺭﻗّﺘﻬﺎ. ﻭﺇﻥ ﺃﺣﻠﻰ ﻣﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺟﻤﺎﻝ ﻭﺃﺳﻤﺎﻩ ﻫﻮ ﻓﻲ ﺷﻔﻘﺘﻬﺎ ﺍﻟﺨﺎﻟﺼﺔ ﺍﻟﻨﻮﺭﺍﻧﻴﺔ. ﻓﺠﻤﺎﻝ ﺍﻟﺸﻔﻘﺔ ﻫﺬﺍ، ﻭﺣُﺴﻦ ﺍﻟﺴﻴﺮﺓ ﻳﺪﻭﻣﺎﻥ ﻭﻳﺰﺩﺍﺩﺍﻥ ﺇﻟﻰ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺍﻟﻌﻤﺮ. ﻭﺑﻤﺤﺒﺘﻬﻤﺎ ﺗُﺼﺎﻥ ﺣﻘﻮﻕُ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺨﻠﻮﻗﺔ ﺍﻟﻠﻄﻴﻔﺔ ﺍﻟﻀﻌﻴﻔﺔ، ﻭﺇلا ﺗﻔﻘﺪْ ﺣﻘﻮﻗَﻬﺎ ﻓﻲ ﻭﻗﺖ ﻫﻲ ﺃﺣﻮﺝ ﻣﺎ ﺗﻜﻮﻥُ ﺇﻟﻴﻬﺎ، ﺑﺰﻭﺍﻝ ﺍﻟﺠﻤﺎﻝ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﻱ.

ﺃﻣﺎ ﻣﺤﺒﺔ ﺍلأﻧﺒﻴﺎﺀ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺍﻟﺴـلاﻡ ﻭﺍلأﻭﻟﻴﺎﺀ ﺍﻟﺼﺎﻟﺤﻴﻦ ﻓﻬﻲ ﺃﻳﻀﺎ ﻟﻮﺟﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻓﻲ ﺳﺒﻴﻠﻪ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺇﻧﻬﻢ ﻋﺒﺎﺩ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻤﺨﻠﺼﻮﻥ ﺍﻟﻤﻘﺒﻮﻟﻮﻥ ﻟﺪﻳﻪ ﺟﻞ ﻭﻋـلا. ﻓﻤﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺰﺍﻭﻳﺔ ﺗﺼﺒﺢ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﺤﺒﺔ ﻟﻠﻪ.

ﻭﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺃﻳﻀﺎ ﺍﻟﺘﻲ ﻭﻫﺒﻬﺎ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﻟﻚ ﻭﻟـلإﻧﺴﺎﻥ، ﻫﻲ ﺭﺃﺱ ﻣﺎﻝ ﻋﻈﻴﻢ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﺗﻜﺴﺐ ﺑﻪ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍلأﺧﺮﻭﻳﺔ ﺍﻟﺒﺎﻗﻴﺔ. ﻭﻫﻲ ﻛﻨﺰ ﻋﻈﻴﻢ ﻳﺤﻮﻱ ﺃﺟﻬﺰﺓً ﻭﻛﻤﺎلاﺕٍ ﺧﺎﻟﺪﺓ.. ﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻓﺎﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻭﻣﺤﺒﺘﻬﺎ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺰﺍﻭﻳﺔ، ﻭﺗﺴﺨﻴﺮﻫﺎ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻤﻮﻟﻰ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﺗﻌﻮﺩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﺃﻳﻀﺎ.

ﺛﻢ ﺇﻥ ﻣﺤﺒﺔ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﻭﺟﻤﺎﻟﻪ ﻭﻟﻄﺎﻓﺘﻪ، ﻭﺗﻘﺪﻳﺮﻩ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺇﻧﻪ ﻧﻌﻤﺔ ﺭﺑﺎﻧﻴﺔ ﺟﻤﻴﻠﺔ، ﺛﻢ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﻦ ﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻣﻪ، ﻫﻲ ﻣﺤﺒﺔ ﻣﺸﺮﻭﻋﺔ، ﺑﻞ ﻣﺸﻜﻮﺭﺓ.

ﺛﻢ ﻣﺤﺒﺔ ﺍﻟﺮﺑﻴﻊ ﻭﺍﻟﺸﻮﻕ ﺇﻟﻴﻪ ﺗﻜﻮﻥ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻣﺘﻮﺟﻬﺔً ﺇﻟﻰ ﺃﺳﻤﺎﺋﻪ ﺍﻟﺤﺴﻨﻰ، ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻛﻮﻧﻪ ﺃﺟﻤﻞَ ﺻﺤﻴﻔﺔٍ ﻟﻈﻬﻮﺭ ﻧﻘﻮﺵ ﺍلأﺳﻤﺎﺀ ﺍﻟﺤﺴﻨﻰ ﺍﻟﻨﻮﺭﺍﻧﻴﺔ ﻭﺃﻋﻈﻢَ ﻣﻌﺮﺽٍ ﻟﻌﺮﺽ ﺩﻗﺎﺋﻖ ﺍﻟﺼﻨﻌﺔ ﺍﻟﺮﺑﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﺒﺪﻳﻌﺔ.. ﻓﺎﻟﺘﻔﻜﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺮﺑﻴﻊ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺰﺍﻭﻳﺔ ﻣﺤﺒﺔ ﻣﺘﻮﺟﻬﺔ ﺇﻟﻰ ﺍلأﺳﻤﺎﺀ ﺍﻟﺤﺴﻨﻰ.

ﻭﺣﺘﻰ ﺣﺐُّ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺍﻟﺸﻐﻒُ ﺑﻬﺎ ﻳﻨﻘﻠﺐ ﺇﻟﻰ ﻣﺤﺒﺔٍ ﻟﻮﺟﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻴﻤﺎ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺯﺍﻭﻳﺔ ﻛﻮﻧﻬﺎ ﻣﺰﺭﻋﺔً ﺍلآﺧﺮﺓ، ﻭﻣﺮﺁﺓَ ﺍلأﺳﻤﺎﺀ ﺍﻟﺤﺴﻨﻰ، ﻭﺭﺳﺎﺋﻞَ ﺭﺑﺎﻧﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ، ﻭﺩﺍﺭ ﺿﻴﺎﻓﺔ ﻣﻮﻗﺘﺔ -ﻭﻋﻠﻰ ﺷﺮﻁ ﻋﺪﻡ ﺗﺪﺧﻞ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺍلأﻣﺎﺭﺓ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﺤﺒﺔ-.

ﻭﻣﺠﻤﻞ ﺍﻟﻘﻮﻝ: ﺍﺟﻌﻞ ﺣﺒﻚ ﻟﻠﺪﻧﻴﺎ ﻭﻣﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﺨﻠﻮﻗﺎﺕ ﺑﺎﻟﻤﻌﻨﻰ «ﺍﻟﺤﺮﻓﻲ» ﻭﻟﻴﺲ ﺑﺎﻟﻤﻌﻨﻰ «ﺍلاﺳﻤﻲ» ﺃﻱ ﻟﻤﻌﻨﻰ ﻣﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻭﻟﻴﺲ ﻟﺬﺍﺗﻬﺎ. ﻭلا ﺗﻘﻞ ﻟﺸﻲﺀ: «ﻣﺎ ﺃﺟﻤﻞَ ﻫﺬﺍ» ﺑﻞ ﻗﻞ: «ﻣﺎ ﺃﺟﻤﻠَﻪ ﺧَﻠﻘﺎ» ﺃﻭ «ﻣﺎ ﺃﺟﻤﻞ ﺧَﻠﻘﻪ»! ﻭﺇﻳﺎﻙ ﺃﻥ ﺗﺘﺮﻙ ﺛﻐﺮﺓ ﻳﺪﺧﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﺣﺐ ﻟﻐﻴﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﺑﺎﻃﻦ ﻗﻠﺒﻚ، ﻓﺈﻥ ﺑﺎﻃﻨﻪ ﻣﺮﺁﺓ ﺍﻟﺼﻤﺪ، ﻭﺧﺎﺹ ﺑﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ. ﻭﻗﻞ: ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺍﺭﺯﻗﻨﺎ ﺣﺒَّﻚ ﻭﺣﺐَّ ﻣﺎ ﻳﻘﺮّﺑﻨﺎ ﺇﻟﻴﻚ.

ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻓﺈﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﻣﺎ ﺫﻛﺮﻧﺎﻩ ﻣﻦ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﻤﺤﺒﺔ، ﺇﻥ ﻭﺟِّﻬَﺖ ﺍﻟﻮﺟﻬﺔ ﺍﻟﺼﺎﺋﺒﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺍﻟﻤﺬﻛﻮﺭﺓ ﺁﻧﻔﺎ، ﺃﻱ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﻟﻠﻪ ﻭﻓﻲ ﺳﺒﻴﻠﻪ، ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﻮﺭﺙ ﻟﺬﺓ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﺑـلا ﺃﻟﻢ. ﻭﺗﻜﻮﻥ ﻭﺻﺎلا ﺣﻘﺎ ﺑـلا ﺯﻭﺍﻝ، ﺑﻞ ﺗﺰﻳﺪ ﻣﺤﺒﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ، ﻓﻀـلا ﻋﻦ ﺃﻧﻬﺎ ﻣﺤﺒﺔ ﻣﺸﺮﻭﻋﺔ ﻭﺷﻜﺮ ﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﺬﺓ ﻧﻔﺴﻬﺎ، ﻭﻓﻜﺮ ﻓﻲ ﺁلاﺋﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺤﺒﺔ ﻋﻴﻨﻬﺎ.

ﻣﺜﺎﻝ ﻟﻠﺘﻮﺿﻴﺢ: ﺇﺫﺍ ﺃﻫﺪﻯ ﺇﻟﻴﻚ ﺳﻠﻄﺎﻥ ﻋﻈﻴﻢ (حاشية) ﻟﻘﺪ ﻭﻗﻌﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﺎﺩﺛﺔ ﻓﻌـلا ﻓﻴﻤﺎ ﻣﻀﻰ، ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺩﺧﻞ ﺭﺋﻴﺴﺎ ﻋﺸﻴﺮﺗﻴﻦ ﺇﻟﻰ ﺳﻠﻄﺎﻥٍ ﻋﻈﻴﻢ ﻭﻗﺎﻣﺎ ﺑﻤﺜﻞ ﻣﺎ ﺫﻛﺮ ﺃﻋـلاﻩ. ﺗﻔﺎﺣﺔً –ﻣﺜـلا- ﻓﺈﻧﻚ ﺳﺘﻜﻦّ ﻟﻬﺎ ﻧﻮﻋﻴﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺤﺒﺔ، ﻭﺳﺘﻠﺘﺬ ﺑﻬﺎ ﺑﺸﻜﻠﻴﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﺬﺓ:

ﺍلأﻭﻟﻰ: ﺍﻟﻤﺤﺒﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻌﻮﺩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﻔﺎﺣﺔ، ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺇﻧﻬﺎ ﻓﺎﻛﻬﺔ ﻃﻴﺒﺔ ﻓﻴﻬﺎ ﻟﺬﺓ ﺑﻘﺪﺭ ﻣﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺧﺼﺎﺋﺺ، ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺤﺒﺔ لا ﺗﻌﻮﺩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ. ﺑﻞ ﻣَﻦ ﻳﺄﻛﻠﻬﺎ ﺑﺸﺮﺍﻫﺔ ﺃﻣﺎﻣﻪ ﻳﺒﺪﻱ ﻣﺤﺒﺘَﻪ ﻟﻠﺘﻔﺎﺣﺔ ﻭﻟﻴﺲ ﻟﻠﺴﻠﻄﺎﻥ، ﻭﻗﺪ لا ﻳﻌﺠﺐ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺘﺼﺮﻑ ﻣﻨﻪ، ﻭﻳﻨﻔﺮ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﺤﺒﺔ ﺍﻟﺸﺪﻳﺪﺓ ﻟﻠﻨﻔﺲ. ﻋـلاﻭﺓ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻟﺬﺓ ﺍﻟﺘﻔﺎﺣﺔ ﺟﺰﺋﻴﺔ ﻭﻫﻲ ﻓﻲ ﺯﻭﺍﻝ. ﺇﺫ ﺑﻤﺠﺮﺩ ﺍلاﻧﺘﻬﺎﺀ ﻣﻦ ﺃﻛﻠﻬﺎ ﺗﺰﻭﻝ ﺍﻟﻠﺬﺓُ ﻭﺗﻮﺭﺙ ﺍلأﺳﻒ.

ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻤﺤﺒﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ: ﻓﻬﻲ ﻟﻠﺘﻜﺮﻣﺔ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻧﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻔﺎﺗﺘﻪ ﺍﻟﻠﻄﻴﻔﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻇﻬﺮﺕ ﺑﺎﻟﺘﻔﺎﺣﺔ.. ﻓﻜﺄﻥ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺘﻔﺎﺣﺔ ﻧﻤﻮﺫﺝ ﻟﻠﺘﻮﺟﻪ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻧﻲ، ﺃﻭ ﻫﻲ ﺛﻨﺎﺀ ﻣﺠﺴّﻢ ﻣﻨﻪ. ﻓﺎﻟﺬﻱ ﻳﺘﺴﻠﻢ ﻫﺪﻳﺔَ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﺣﺒﺎ ﻭﻛﺮﺍﻣﺔً ﻳﺒﺪﻱ ﻣﺤﺒﺘَﻪ ﻟﻠﺴﻠﻄﺎﻥ ﻭﻟﻴﺲ ﻟﻠﺘﻔﺎﺣﺔ. ﻋﻠﻤﺎ ﺃﻥ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺘﻔﺎﺣﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺻﺎﺭﺕ ﻣﻈﻬﺮﺍ ﻟﻠﺘﻜﺮﻣﺔ ﻟﺬﺓً ﺗﻔﻮﻕ ﻭﺗﺴﻤﻮ ﻋﻠﻰ ﺃﻟﻒ ﺗﻔﺎﺣﺔ ﺃﺧﺮﻯ. ﻓﻬﺬﻩ ﺍﻟﻠﺬﺓ ﻫﻲ ﺍﻟﺸﻜﺮﺍﻥ ﺑﻌﻴﻨﻪ، ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺤﺒﺔ ﻫﻲ ﻣﺤﺒﺔٌ ﺫﺍﺕُ ﺍﺣﺘﺮﺍﻡ ﻭﺗﻮﻗﻴﺮٍ ﻳﻠﻴﻖ ﺑﺎﻟﺴﻠﻄﺎﻥ.

ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻓﺈﺫﺍ ﻣﺎ ﻭﺟّﻪ ﺍلإﻧﺴﺎﻥُ ﻣﺤﺒﺘَﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨِﻌﻢ ﻭﺍﻟﻔﻮﺍﻛﻪ ﺑﺎﻟﺬﺍﺕ ﻭﺗﻠﺬﺫ ﻋﻦ ﻏﻔﻠﺔٍ ﺑﻠﺬﺍﺗﻬﺎ ﺍﻟﻤﺎﺩﻳﺔ ﻭﺣﺪَﻫﺎ، ﻓﺘﻠﻚ ﻣﺤﺒﺔ ﻧﻔﺴﺎﻧﻴﺔ ﺗﻌﻮﺩ ﺇﻟﻰ ﻫﻮﻯ ﺍﻟﻨﻔﺲ، ﻭﺗﻠﻚ ﺍﻟﻠﺬﺍﺕ ﺯﺍﺋﻠﺔ ﻣﺆﻟﻤﺔ. ﺃﻣﺎ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻤﺤﺒﺔُ ﻣﺘﻮﺟﻬﺔ ﺇﻟﻰ ﺟﻬﺔ ﺍﻟﺘﻜﺮﻣﺔ ﺍﻟﺮﺑﺎﻧﻴﺔ ﻭﻧﺤﻮَ ﺃﻟﻄﺎﻑ ﺭﺣﻤﺘﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺛﻤﺮﺍﺕ ﺇﺣﺴﺎﻧﻪ، ﻣﻘﺪّﺭﺍ ﺩﺭﺟﺎﺕ ﺍلإﺣﺴﺎﻥ ﻭﺍﻟﻠﻄﻒ ﻭﻣﺘﻠﺬﺫﺍ ﺑﻬﺎ ﺑﺸﻬﻴﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ، ﻓﻬﻲ ﺷﻜﺮ ﻣﻌﻨﻮﻱ، ﻭﻫﻲ ﻟﺬﺓ لا ﺗﻮﺭﺙ ﺃﻟﻤﺎ.

   ﺍﻟﻨﻜﺘﺔ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ:

ﺇﻥّ ﺍﻟﻤﺤﺒﺔ ﺍﻟﻤﺘﻮﺟﻬﺔ ﺇﻟﻰ ﺍلأﺳﻤﺎﺀ ﺍﻟﺤﺴﻨﻰ ﻟﻬﺎ ﻃﺒﻘﺎﺕ: ﻓﻘﺪ ﺗﺘﻮﺟﻪ ﺑﺎﻟﻤﺤﺒﺔ ﺇﻟﻰ ﺍلأﺳﻤﺎﺀ ﺍﻟﺤﺴﻨﻰ ﺑﻤﺤﺒﺔ ﺍلآﺛﺎﺭ ﺍلإﻟﻬﻴﺔ ﺍﻟﻤﺒﺜﻮﺛﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﻮﻥ -ﻛﻤﺎ ﺑﻴﻨﺎﻩ ﺳﺎﺑﻘﺎ- ﻭﻗﺪ ﺗﺘﻮﺟﻪ ﺑﺎﻟﻤﺤﺒﺔ ﺇﻟﻰ ﺍلأﺳﻤﺎﺀ ﺍﻟﺤﺴﻨﻰ ﻟﻜﻮﻧﻬﺎ ﻋﻨﺎﻭﻳﻦَ ﻛﻤﺎلاﺕ ﺇﻟﻬﻴﺔ ﺳﺎﻣﻴﺔ، ﻭﻗﺪ ﻳﻜﻮﻥ ﺍلإﻧﺴﺎﻥ ﻣﺸﺘﺎﻗﺎ ﺇﻟﻰ ﺍلأﺳﻤﺎﺀ ﺍﻟﺤﺴﻨﻰ ﻟﺤﺎﺟﺘﻪ ﺍﻟﻤﺎﺳﺔ ﺇﻟﻴﻬﺎ، ﻭﺫﻟﻚ ﻟﺠﺎﻣﻌﻴﺔ ﻣﺎﻫﻴﺘﻪ ﻭﻋﻤﻮﻣﻬﺎ ﻭﺣﺎﺟﺎﺗﻪ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻤﺤﺪﻭﺩﺓ، ﺃﻱ ﻳﺤﺐ ﺗﻠﻚ ﺍلأﺳﻤﺎﺀ ﺑﺪﺍﻓﻊ ﺍﻟﺤﺎﺟﺔ ﺇﻟﻴﻬﺎ.

ﻭﻟﻨﻮﺿﺢ ﺫﻟﻚ ﺑﻤﺜﺎﻝ: ﺗﺼﻮﺭ ﻭﺃﻧﺖ ﺗﺴﺘﺸﻌﺮ ﻋﺠﺰَﻙ ﻭﺣﺎﺟﺘَﻚ ﺍﻟﺸﺪﻳﺪﺓ ﺇﻟﻰ ﻣَﻦ ﻳﺴﺎﻋﺪﻙ ﻭﻳﻌﻴﻨﻚ لإﻧﻘﺎﺫ ﻣَﻦ ﺗﺤﻦّ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻭﺗﺸﻔﻖ ﻋﻠﻰ ﺃﻭﺿﺎﻋﻬﻢ ﻣﻦ ﺍلأﻗﺎﺭﺏ ﻭﺍﻟﻔﻘﺮﺍﺀ، ﻭﺣﺘﻰ ﺍﻟﻤﺨﻠﻮﻗﺎﺕ ﺍﻟﻀﻌﻴﻔﺔ ﺍﻟﻤﺤﺘﺎﺟﺔ، ﺇﺫﺍ ﺑﺄﺣﺪﻫﻢ ﻳﺒﺮﺯ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻴﺪﺍﻥ، ﻭﻳُﺤﺴﻦ لأﻭﻟﺌﻚ ﻭﻳﺘﻔﻀﻞ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻭﻳﺴﺒﻎ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻧِﻌَﻤﻪ ﺑﻤﺎ ﺗﺮﻳﺪﻩ ﻭﺗﺮﻏﺒﻪ.. ﻓﻜﻢ ﺗﻄﻴﺐ ﻧﻔﺴُﻚ ﻭﻛﻢ ﺗﺮﺗﺎﺡ ﺇﻟﻰ ﺍﺳﻤﻪ «ﺍﻟﻤﻨﻌﻢ» ﻭ«ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ».. ﻭﻛﻢ ﺗﻨﺒﺴﻂ ﺃﺳﺎﺭﻳﺮُﻙ ﻭﺗﻨﺸﺮﺡ ﻣﻦ ﻫﺬﻳﻦ ﺍلاﺳﻤﻴﻦ، ﺑﻞ ﻛﻢ ﻳﺄﺧﺬ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺸﺨﺺ ﻣﻦ ﺇﻋﺠﺎﺑﻚ ﻭﺗﻘﺪﻳﺮﻙ، ﻭﻛﻢ ﺗﺘﻮﺟﻪ ﺇﻟﻴﻪ ﺑﺎﻟﺤﺐ ﺑﺬﻳﻨﻚ ﺍلاﺳﻤَﻴﻦ ﻭﺍﻟﻌﻨﻮﺍﻧَﻴﻦ!.

ﻓﻔﻲ ﺿﻮﺀ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺜﺎﻝ ﺗﺪﺑّﺮ ﻓﻲ ﺍﺳﻤﻴﻦ ﻓﻘﻂ ﻣﻦ ﺍلأﺳﻤﺎﺀ ﺍﻟﺤﺴﻨﻰ ﻭﻫﻤﺎ: «ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ» ﻭ«ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ» ﺗﺠﺪ ﺃﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﻣﻦ ﺍلآﺑﺎﺀ ﻭﺍلأﺟﺪﺍﺩ ﺍﻟﺴﺎﻟﻔﻴﻦ ﻭﺟﻤﻴﻊَ ﺍلأﺣﺒﺔ ﻭﺍلأﻗﺎﺭﺏ ﻭﺍلأﺻﺪﻗﺎﺀ، ﻫﺆلاﺀ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺗﺤﺒﻬﻢ ﻭﺗﺤﻦ ﺇﻟﻴﻬﻢ ﻭﺗﺸﻔﻖ ﻋﻠﻴﻬﻢ، ﻳُﻨﻌَﻤﻮﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺑﺄﻧﻮﺍﻉٍ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻌﻢ ﺍﻟﻠﺬﻳﺬﺓ، ﺛﻢ ﻳُﺴﻌَﺪﻭﻥ ﻓﻲ ﺍلآﺧﺮﺓ ﺑﻤﺎ ﻟﺬّ ﻭﻃﺎﺏ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻌﻢ، ﺑﻞ ﻳﺰﻳﺪﻫﻢ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ ﺳﻌﺎﺩﺓً ﻭﻧﻌﻴﻤﺎ ﺑﻠﻘﺎﺀ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﺑﻌﻀﺎ ﻭﺑﺮﺅﻳﺔ ﺍﻟﺠﻤﺎﻝ ﺍﻟﺴﺮﻣﺪﻱ ﻫﻨﺎﻙ.. ﻓﻜﻢ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﺳﻤﺎ «ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ» ﻭ«ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ» ﺟﺪﻳﺮَﻳﻦ ﺇﺫﻥ ﺑﺎﻟﻤﺤﺒﺔ؟ ﻭﻛﻢ ﺗﻜﻮﻥ ﺭﻭﺡ ﺍلإﻧﺴﺎﻥ ﺗﻮّﺍﻗﺔ ﺇﻟﻴﻬﻤﺎ؟ ﻗﺲ ﺑﻨﻔﺴﻚ ﺫﻟﻚ ﻟﺘﺪﺭﻙ ﻣﺪﻯ ﺻﻮﺍﺏ ﻗﻮﻟﻨﺎ: ﺍﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﺭﺣﻤﺎﻧﻴﺘﻪ ﻭﺭﺣﻴﻤﻴﺘﻪ.

ﺛﻢ ﺇﻧﻚ ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻤﻮﺟﻮﺩﺍﺕ ﺍﻟﻤﺒﺜﻮﺛﺔ ﻋﻠﻰ ﺍلأﺭﺽ ﻭﺗﺘﺄﻟﻢ ﺑﺸﻘﺎﺋﻬﺎ، ﺣﺘﻰ ﻟﻜﺄﻥ ﺍلأﺭﺽ ﺑﺮﻣّﺘﻬﺎ ﻣﺴﻜﻨُﻚ ﺍﻟﺠﻤﻴﻞ ﻭﺑﻴﺘﻚ ﺍﻟﻤﺄﻧﻮﺱ؛ ﻓﺈﺫﺍ ﻣﺎ ﺃﻧﻌﻤﺖَ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﺗﺠﺪ ﻓﻲ ﺭﻭﺣﻚ ﺷﻮﻗﺎ ﻋﺎﺭﻣﺎ ﻭﺣﺎﺟﺔً ﺷﺪﻳﺪﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﺳﻢ «ﺍﻟﺤﻜﻴﻢ» ﻭﻋﻨﻮﺍﻥ «ﺍﻟﻤﺮﺑﻲ» ﻟﻠﺬﻱ ﻳﻨﻈﻢ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺨﻠﻮﻗﺎﺕ ﻛﺎﻓﺔ ﺑﺤﻜﻤﺔ ﺗﺎﻣﺔ ﻭﺗﻨﻈﻴﻢ ﺩﻗﻴﻖ ﻭﺗﺪﺑﻴﺮ ﻓﺎﺋﻖ ﻭﺗﺮﺑﻴﺔ ﺭﺣﻴﻤﺔ.

ﺛﻢ ﺇﺫﺍ ﺃﻧﻌﻤﺖَ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﺟﻤﻌﺎﺀ ﺗﺠﺪﻙ ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﻬﻢ ﻭﺗﺘﺄﻟﻢ ﻟﺤﺎﻟﻬﻢ ﺍﻟﺒﺎﺋﺴﺔ ﻭﺗﺘﺄﻟﻢ ﺃﺷﺪ ﺍلأﻟﻢ ﺑﺰﻭﺍﻟﻬﻢ ﻭﻣﻮﺗﻬﻢ، ﻭﺇﺫﺍ ﺑﺮﻭﺣﻚ ﺗﺸﺘﺎﻕ ﺇﻟﻰ ﺍﺳﻢ «ﺍﻟﻮﺍﺭﺙ ﺍﻟﺒﺎﻋﺚ» ﻭﺗﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻰ ﻋﻨﻮﺍﻥ «ﺍﻟﺒﺎﻗﻲ، ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ، ﺍﻟﻤﺤﻴﻲ، ﺍﻟﻤﺤﺴﻦ» ﻟﻠﺨﺎﻟﻖ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﻘﺬﻫﻢ ﻣﻦ ﻇﻠﻤﺎﺕ ﺍﻟﻌﺪﻡ ﻭﻳﺴﻜﻨﻬﻢ ﻓﻲ ﻣﺴﻜﻦ ﺃﺟﻤﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺃﻓﻀﻞ ﻣﻨﻬﺎ.

ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻓـلأﻥ ﻣﺎﻫﻴﺔ ﺍلإﻧﺴﺎﻥ ﻋﺎﻟﻴﺔ ﻭﻓﻄﺮﺗَﻪ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻓﻬﻮ ﻣﺤﺘﺎﺝ ﺑﺄﻟﻒ ﺣﺎﺟﺔ ﻭﺣﺎﺟﺔ ﺇﻟﻰ ﺃﻟﻒ ﺍﺳﻢ ﻭﺍﺳﻢ ﻣﻦ ﺍلأﺳﻤﺎﺀ ﺍﻟﺤﺴﻨﻰ ﻭﺇﻟﻰ ﻛﺜﻴﺮ ﺟﺪﺍ ﻣﻦ ﻣﺮﺍﺗﺐ ﻛﻞ ﺍﺳﻢ. ﻓﺎﻟﺤﺎﺟﺔ ﺍﻟﻤﻀﺎﻋَﻔﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﺸﻮﻕُ، ﻭﺍﻟﺸﻮﻕ ﺍﻟﻤﻀﺎﻋَﻒ ﻫﻮ ﺍﻟﻤﺤﺒﺔ، ﻭﺍﻟﻤﺤﺒﺔ ﺍﻟﻤﻀﺎﻋﻔﺔ ﻛﺬﻟﻚ ﻫﻲ ﺍﻟﻌﺸﻖ. ﻓﺤﺴﺐَ ﺗﻜﻤّﻞ ﺭﻭﺡِ ﺍلإﻧﺴﺎﻥ ﺗﻨﻜﺸﻒ ﻣﺮﺍﺗﺐُ ﺍﻟﻤﺤﺒﺔ ﻭﻓﻖ ﻣﺮﺍﺗﺐ ﺍلأﺳﻤﺎﺀ. ﻭﻣﺤﺒﺔُ ﺟﻤﻴﻊ ﺍلأﺳﻤﺎﺀ ﺃﻳﻀﺎ ﺗﺘﺤﻮﻝ ﺇﻟﻰ ﻣﺤﺒﺔ ﺫﺍﺗﻪ ﺍﻟﺠﻠﻴﻠﺔ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ، ﺇﺫ ﺇﻥ ﺗﻠﻚ ﺍلأﺳﻤﺎﺀ ﻋﻨﺎﻭﻳﻦُ ﻭﺗﺠﻠﻴﺎﺕ ﺫﺍﺗﻪ ﺟﻞّ ﻭﻋـلا.

ﻭﺍلآﻥ ﺳﻨﺒﻴﻦ ﻣﻦ ﺑﻴﻦ ﺃﻟﻒ ﺍﺳﻢ ﻭﺍﺳﻢ ﻣﻦ ﺍلأﺳﻤﺎﺀ ﺍﻟﺤﺴﻨﻰ ﻣﺮﺗﺒﺔً ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻓﻘﻂ ﻭﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻤﺜﺎﻝ ﻣﻦ ﺑﻴﻦ ﺃﻟﻒ ﻣﺮﺗﺒﺔ ﻭﻣﺮﺗﺒﺔ لاﺳﻢ «ﺍﻟﻌﺪﻝ ﻭﺍﻟﺤﻜﻢ ﻭﺍﻟﺤﻖ ﻭﺍﻟﺮﺣﻴﻢ» ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺤﻮ ﺍلآﺗﻲ: ﺇﻥ ﺷﺌﺖ ﺃﻥ ﺗﺸﺎﻫﺪ ﻣﺎ ﻓﻲ ﻧﻄﺎﻕ ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﻭﺍﻟﻌﺪﻝ ﻣﻦ ﺍﺳﻢ «ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ، ﺍﻟﺤﻖ» ﺿﻤﻦ ﺩﺍﺋﺮﺓ ﻭﺍﺳﻌﺔ ﻋﻈﻤﻰ ﻓﺘﺄﻣﻞ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺜﺎﻝ:

ﺟﻴﺶ ﻳﻀﻢ ﺃﺭﺑﻌﻤﺎﺋﺔ ﻃﺎﺋﻔﺔ ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻨﻮﺩ، ﻛﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻋﻦ ﺍلأﺧﺮﻯ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻌﺠﺒﻬﺎ ﻣﻦ ﻣـلاﺑﺲ، ﻭﺗﺘﺒﺎﻳﻦ ﻓﻴﻤﺎ ﺗﺸﺘﻬﻴﻪ ﻣﻦ ﺃﻃﻌﻤﺔ ﻭﺗﺘﻐﺎﻳﺮ ﻓﻴﻤﺎ ﺗﺴﺘﻌﻤﻠﻪ ﺑﻴُﺴﺮ ﻣﻦ ﺃﺳﻠﺤﺔ، ﻭﺗﺘﻨﻮﻉ ﻓﻴﻤﺎ ﺗﺘﻨﺎﻭﻟﻪ ﻣﻦ ﻋـلاﺟﺎﺕ ﺗﻨﺎﺳﺒﻬﺎ.. ﻓﻌﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺒﺎﻳﻦ ﻭﺍلاﺧﺘـلاﻑ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ، ﻓﺈﻥ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻄﻮﺍﺋﻒ ﺍلأﺭﺑﻌﻤﺎﺋﺔ لا ﺗﺘﻤﻴﺰ ﺇﻟﻰ ﻓﺮﻕ ﻭﺃﻓﻮﺍﺝ، ﺑﻞ ﻳﺘﺸﺎﺑﻚ ﺑﻌﻀُﻬﺎ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﻣﻦ ﺩﻭﻥ ﺗﻤﻴﻴﺰ.. ﻓﺈﺫﺍ ﻣﺎ ﻭُﺟﺪ ﺳﻠﻄﺎﻥ ﻭﺍﺣﺪ ﻳﻌﻄﻲ ﻟﻜﻞ ﻃﺎﺋﻔﺔ ﻣﺎ ﻳﻠﻴﻖ ﺑﻬﺎ ﻣﻦ ﻣـلاﺑﺲ، ﻭﻣﺎ ﻳـلاﺋﻤﻬﺎ ﻣﻦ ﺃﺭﺯﺍﻕ، ﻭﻣﺎ ﻳﻨﺎﺳﺒﻬﺎ ﻣﻦ ﻋـلاﺝ، ﻭﻣﺎ ﻳﻮﺍﻓﻘﻬﺎ ﻣﻦ ﺳـلاﺡ، ﺑـلا ﻧﺴﻴﺎﻥٍ لأﺣﺪ ﻭلا ﺍﻟﺘﺒﺎﺱ ﻭلا ﺍﺧﺘـلاﻁ، ﻭﻣﻦ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﻪ ﻣﺴﺎﻋﺪ ﻭﻣﻌﻴﻦ، ﺑﻞ ﻳﻮﺯﻋﻬﺎ ﻛﻠَّﻬﺎ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺑﺬﺍﺗﻪ، ﺑﻤﺎ ﻳﺘﺼﻒ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺭﺣﻤﺔ ﻭﺭﺃﻓﺔ ﻭﻗﺪﺭﺓ ﻭﻋﻠﻢ ﻣﻌﺠِﺰ ﻭﺇﺣﺎﻃﺔ ﺗﺎﻣﺔ ﺑﺎلأﻣﻮﺭ ﻛﻠﻬﺎ، ﻣﻊ ﻋﺪﺍﻟﺔ ﻓﺎﺋﻘﺔ ﻭﺣﻜﻤﺔ ﺗﺎﻣﺔ.. ﻧﻌﻢ، ﺇﺫﺍ ﻣﺎ ﻭُﺟﺪ ﺳﻠﻄﺎﻥ ﻛﻬﺬﺍ ﺍﻟﺬﻱ لا ﻧﻈﻴﺮ ﻟﻪ، ﻭﺷﺎﻫﺪﺕَ ﺑﻨﻔﺴﻚ ﺃﻋﻤﺎﻟﻪ ﺍﻟﻤﻌﺠﺰﺓ ﺍﻟﺒﺎﻫﺮﺓ، ﺗﺪﺭﻙ ﻋﻨﺪﺋﺬٍ ﻣﺪﻯ ﻗﺪﺭﺗِﻪ ﻭﺭﺃﻓﺘﻪ ﻭﻋﺪﻟِﻪ. ﺫﻟﻚ لأﻥ ﺗﺠﻬﻴﺰ ﻛﺘﻴﺒﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﺗﻀﻢ ﻋﺸﺮﺓ ﺃﻗﻮﺍﻡ ﻣﺨﺘﻠﻔﻴﻦ ﺑﺄﻋﺘﺪﺓٍ ﻣﺘﺒﺎﻳﻨﺔ ﻭﺃﻟﺒﺴﺔٍ ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ ﺃﻣﺮ ﻋﺴﻴﺮ ﺟﺪﺍ، ﺣﺘﻰ ﻳُﻠﺠﺄ ﺇﻟﻰ ﺗﺠﻬﻴﺰ ﺍﻟﺠﻴﺶ ﺑﻄﺮﺍﺯ ﻣﻌﻴّﻦ ﺛﺎﺑﺖ ﻣﻦ ﺍلأﻟﺒﺴﺔ ﻭﺍلأﻋﺘﺪﺓ ﻣﻬﻤﺎ ﺍﺧﺘﻠﻔﺖ ﺍلأﺟﻨﺎﺱ ﻭﺍلأﻗﻮﺍﻡ.

ﻓﺈﺫﺍ ﺷﺌﺖ -ﻓﻲ ﺿﻮﺀ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺜﺎﻝ- ﺃﻥ ﺗﺮﻯ ﺗﺠﻠﻲ ﺍﺳﻢ ﺍﻟﻠﻪ «ﺍﻟﺤﻖ» ﻭ«ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ» ﺿﻤﻦ ﻧﻄﺎﻕ ﺍﻟﻌﺪﻝ ﻭﺍﻟﺤﻜﻤﺔ، ﻓﺴﺮّﺡ ﻧَﻈَﺮَﻙ ﻓﻲ ﺍﻟﺮﺑﻴﻊ ﺇﻟﻰ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺨﻴﺎﻡ ﺍﻟﻤﻨﺼﻮﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﺑﺴﺎﻁ ﺍلأﺭﺽ لأﺭﺑﻌﻤﺎﺋﺔ ﺃﻟﻒ ﻣﻦ ﺍلأﻣﻢ ﺍﻟﻤﺘﻨﻮﻋﺔ، ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻤﺜﻠﻮﻥ ﺟﻴﺶ ﺍﻟﻨﺒﺎﺗﺎﺕ ﻭﺍﻟﺤﻴﻮﺍﻧﺎﺕ، ﺃﻧﻌِﻢ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﺗﺠﺪ ﺃﻥ ﺟﻤﻴﻊ ﺗﻠﻚ ﺍلأﻣﻢ ﻭﺍﻟﻄﻮﺍﺋﻒ، ﻣﻊ ﺃﻧﻬﺎ ﻣﺘﺪﺍﺧﻠﺔ، ﻭﺃﻟﺒﺴﺘُﻬﻢ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻭﺃﺭﺯﺍﻗﻬﻢ ﻣﺘﻔﺎﻭﺗﺔ ﻭﺃﺳﻠﺤﺘُﻬﻢ ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ ﻭﻃﺮﻕ ﻣﻌﻴﺸﺘﻬﻢ ﻣﺘﺒﺎﻳﻨﺔ ﻭﺗﺪﺭﻳﺒﻬﻢ ﻭﺗﻌﻠﻴﻤﺎﺗﻬﻢ ﻣﺘﻐﺎﻳﺮﺓ، ﻭﺗﺴﺮﻳﺤﺎﺗﻬﻢ ﻭﺇﺟﺎﺯﺍﺗﻬﻢ ﻣﺘﻤﻴﺰﺓ.. ﻭﻫﻢ لا ﻳﻤﻠﻜﻮﻥ ﺃﻟﺴﻨﺔً ﻳﻄﺎﻟِﺒﻮﻥ ﺑﻬﺎ ﺗﺄﻣﻴﻦ ﺣﺎﺟﺎﺗﻬﻢ ﻭﺗﻠﺒﻴﺔ ﺭﻏﺎﺑﺘﻬﻢ.. ﻣﻊ ﻛﻞ ﻫﺬﺍ ﻓﺈﻥ ﻛـلا ﻣﻨﻬﺎ ﺗُﺪﺍﺭ ﻭﺗُﺮﺑﻰ ﻭﺗﺮﺍﻋﻰ ﺑﺎﺳﻢ «ﺍﻟﺤﻖ ﻭﺍﻟﺮﺣﻤﻦ ﻭﺍﻟﺮﺯﺍﻕ ﻭﺍﻟﺮﺣﻴﻢ ﻭﺍﻟﻜﺮﻳﻢ» ﺩﻭﻥ ﺍﻟﺘﺒﺎﺱٍ ﻭلا ﻧﺴﻴﺎﻥ ﺿﻤﻦ ﻧﻄﺎﻕ ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﻭﺍﻟﻌﺪﻝ ﺑﻤﻴﺰﺍﻥ ﺩﻗﻴﻖ ﻭﺍﻧﺘﻈﺎﻡ ﻓﺎﺋﻖ.. ﻓﺸَﺎﻫِﺪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺠﻠﻲ ﻭﺗﺄﻣّﻞ ﻓﻴﻪ؛ ﻓﻬﻞ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﺘﺪﺧﻞ ﺃﺣﺪ ﻏﻴﺮُ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻳُﺪﺍﺭ ﺑﻤﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﺒﺪﻳﻊ ﻭﺍﻟﻤﻴﺰﺍﻥ ﺍﻟﺪﻗﻴﻖ؟ ﻭﻫﻞ ﻳﻤﻜﻦ لأﻱ ﺳﺒﺐ ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺃﻥ ﻳﻤﺪّ ﻳﺪَﻩ ﻟﻴﺘﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻨﻌﺔ ﺍﻟﺒﺎﻫﺮﺓ ﻭﺍﻟﺘﺪﺑﻴﺮ ﺍﻟﺤﻜﻴﻢ ﻭﺍﻟﺮﺑﻮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺮﺣﻴﻤﺔ ﻭﺍلإﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﺸﺎﻣﻠﺔ ﻏﻴﺮُ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﺍلأﺣﺪ ﺍﻟﺤﻜﻴﻢ ﺍﻟﻘﺪﻳﺮ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺷﺊ؟..

ﺍﻟﻨﻜﺘﺔ ﺍﻟﺮﺍﺑﻌﺔ:

ﺗﻘﻮﻝ ﺇﻧﻨﻲ ﺃﺣﻤﻞ ﺃﻧﻮﺍﻋﺎ ﻣﺘﺒﺎﻳﻨﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺤﺒﺔ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻲ، ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎلأﻃﻌﻤﺔ ﺍﻟﻠﺬﻳﺬﺓ، ﻭﺑﻨﻔﺴﻲ ﻭﺯﻭﺟﺘﻲ ﻭﺑﺄﻭلاﺩﻱ ﻭﻭﺍﻟﺪﻱّ ﻭﺑﺄﺣﺒﺎﺑﻲ ﻭﺃﺻﺪﻗﺎﺋﻲ، ﻭﺑﺎلأﻭﻟﻴﺎﺀ ﺍﻟﺼﺎﻟﺤﻴﻦ ﻭﺍلأﻧﺒﻴﺎﺀ ﺍﻟﻤﻜﺮﻣﻴﻦ، ﺑﻞ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺣﺒﻲ ﺑﻜﻞ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺟﻤﻴﻞ، ﻭﺑﺎﻟﺮﺑﻴﻊ ﺍﻟﺰﺍﻫﻲ ﺧﺎﺻﺔ ﻭﺑﺎﻟﺪﻧﻴﺎ ﻋﺎﻣﺔ.. ﻓﻠﻮ ﺳﺎﺭﺕ ﻫﺬﻩ ﺍلأﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺤﺒﺔ ﻭﻓﻖ ﻣﺎ ﻳﺄﻣﺮ ﺑﻪ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ، ﻓﻤﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﻧﺘﺎﺋﺠُﻬﺎ ﻭﻣﺎ ﻓﻮﺍﺋﺪُﻫﺎ؟.     ﺍﻟﺠﻮﺍﺏ: ﺇﻥّ ﺑﻴﺎﻥ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ﻭﺗﻮﺿﻴﺢ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻔﻮﺍﺋﺪ ﻛﻠِّﻬﺎ ﻳﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻰ ﺗﺄﻟﻴﻒ ﻛﺘﺎﺏ ﺿﺨﻢ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﺄﻥ، ﻟﺬﺍ ﺳﻨﺸﻴﺮ ﻫﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﺃﻭ ﻧﺘﻴﺠﺘﻴﻦ ﻣﻨﻬﺎ ﺇﺷﺎﺭﺓ ﻣﺠﻤﻠﺔ. ﻭﺳﻨﺒﻴﻦ ﺃﻭلا ﺍﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺤﺼﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ، ﺛﻢ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﻧﺒﻴﻦ ﺍﻟﻨﺘﺎﺋﺞ ﺍﻟﺘﻲ ﺳﺘﻈﻬﺮ ﻓﻲ ﺍلآﺧﺮﺓ. ﻭﻫﻲ ﻛﺎلآﺗﻲ:

ﻟﻘﺪ ﺫﻛﺮﻧﺎ ﺳﺎﺑﻘﺎ: ﺃﻥ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﻤﺤﺒﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻟﺪﻯ ﺃﺭﺑﺎﺏ ﺍﻟﻐﻔﻠﺔ ﻭﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺍﻟﺘﻲ لا ﺗﻨﺒﻌﺚ ﺇلا لإﺷﺒﺎﻉ ﺭﻏﺒﺎﺕ ﺍﻟﻨﻔﺲ، ﻟﻬﺎ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﺃﻟﻴﻤﺔ ﻭﻋﻮﺍﻗﺐ ﻭﺧﻴﻤﺔ ﻣﻦ ﺑـلاﻳﺎ ﻭﻣﺸﻘﺎﺕ، ﻣﻊ ﻣﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﻧﺸﻮﺓ ﺿﺌﻴﻠﺔ ﻭﺭﺍﺣﺔ ﻗﻠﻴﻠﺔ. ﻓﻤﺜـلا: ﺍﻟﺸﻔﻘﺔ ﺗﺼﺒﺢ ﺑـلاﺀً ﻣﺆﻟﻤﺎ ﺑﺴﺒﺐ ﺍﻟﻌﺠﺰ، ﻭﺍﻟﺤﺐ ﻳﻐﺪﻭ ﺣُﺮﻗﺔ ﻣﻔﺠﻌﺔ ﺑﺴﺒﺐ ﺍﻟﻔﺮﺍﻕ، ﻭﺍﻟﻠﺬﺓ ﺗﻜﻮﻥ ﺷﺮﺍﺑﺎ ﻣﺴﻤﻮﻣﺎ ﺑﺴﺒﺐ ﺍﻟﺰﻭﺍﻝ.. ﺃﻣﺎ ﻓﻲ ﺍلآﺧﺮﺓ ﻓﺴﺘﺒﻘﻰ ﺩﻭﻥ ﺟﺪﻭﻯ ﻭلا ﻧﻔﻊ، لأﻧﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ، ﺃﻭ ﺗﻜﻮﻥ ﻋﺬﺍﺑﺎ ﺃﻟﻴﻤﺎ ﺇﻥ ﺳﺎﻗﺖ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻮﻗﻮﻉ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺮﺍﻡ.

ﺳﺆﺍﻝ: ﻛﻴﻒ ﻳﻈﻞ ﺣﺐ ﺍلأﻧﺒﻴﺎﺀ ﺍﻟﻜﺮﺍﻡ ﻭﺍلأﻭﻟﻴﺎﺀ ﺍﻟﺼﺎﻟﺤﻴﻦ ﺩﻭﻥ ﻧﻔﻊ ﺃﻭ ﻓﺎﺋﺪﺓ؟

ﺍﻟﺠﻮﺍﺏ: ﻣﺜﻠﻤﺎ لا ﻳﻨﺘﻔﻊ ﺍﻟﻨﺼﺎﺭﻯ ﺍﻟﻤﻌﺘﻘﺪﻭﻥ ﺑﺎﻟﺘﺜﻠﻴﺚ ﻣﻦ ﺣﺒﻬﻢ ﻟﺴﻴﺪﻧﺎ ﻋﻴﺴﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴـلاﻡ، ﻭﻛﺬﺍ ﺍﻟﺮﻭﺍﻓﺾ ﻣﻦ ﺣﺒﻬﻢ ﻟﺴﻴﺪﻧﺎ ﻋﻠﻲ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ!

ﺃﻣﺎ ﻣﺎ ﺫﻛﺮﺗَﻪ ﻣﻦ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﻤﺤﺒﺔ ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﻭﻓﻖ ﺇﺭﺷﺎﺩ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﻭﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﻭﻣﺤﺒﺔ ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ، ﻓﺈﻥ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﺟﻤﻴﻠﺔ ﺗﺜﻤﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ، ﻓﻀـلا ﻋﻦ ﻧﺘﺎﺋﺠﻬﺎ ﺍﻟﻄﻴﺒﺔ ﺍﻟﺨﺎﻟﺪﺓ ﻓﻲ ﺍلآﺧﺮﺓ.

ﺃﻣﺎ ﻧﺘﺎﺋﺠﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ: ﻓﺈﻥ ﻣﺤﺒﺘﻚ ﻟـلأ ﻃﻌﻤﺔ ﺍﻟﻠﺬﻳﺬﺓ ﻭﺍﻟﻔﻮﺍﻛﻪ ﺍﻟﻄﻴﺒﺔ ﻓﻬﻲ ﻧﻌﻤﺔ ﺇﻟﻬﻴﺔ لا ﻳﺸﻮﺑﻬﺎ ﺃﻟﻢ، ﻭﻟﺬﺓ ﻟﻄﻴﻔﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻜﺮ ﺑﻌﻴﻨﻪ.

ﺃﻣﺎ ﻣﺤﺒﺘُﻚ ﻟﻨﻔﺴﻚ ﺃﻱ ﺇﺷﻔﺎﻗﻚ ﻋﻠﻴﻬﺎ، ﻭﺍﻟﺠﻬﺪُ ﻓﻲ ﺗﺮﺑﻴﺘﻬﺎ ﻭﺗﺰﻛﻴﺘﻬﺎ، ﻭﻣﻨﻌﻬﺎ ﻋﻦ ﺍلأﻫﻮﺍﺀ ﺍﻟﺮﺫﻳﻠﺔ، ﺗﺠﻌﻠﻬﺎ ﻣﻨﻘﺎﺩﺓ ﺇﻟﻴﻚ، ﻓـلا ﺗﺴﻴّﺮﻙ ﻭلا ﺗﻘﻴﺪﻙ ﺑﺄﻫﻮﺍﺋﻬﺎ ﺑﻞ ﺗﺴﻮﻗُﻬﺎ ﺃﻧﺖ ﺇﻟﻰ ﺣﻴﺚ ﺍﻟﻬﺪﻯ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻬﻮﻯ.

ﺃﻣﺎ ﻣﺤﺒﺘﻚ ﻟﺰﻭﺟﺘﻚ ﻭﻫﻲ ﺭﻓﻴﻘﺔ ﺣﻴﺎﺗﻚ، ﻓـلأ ﻧﻬﺎ ﻗﺪ ﺃﺳﺴﺖ ﻋﻠﻰ ﺣُﺴﻦ ﺳﻴﺮﺗﻬﺎ ﻭﻃﻴﺐ ﺷﻔﻘﺘﻬﺎ، ﻭﻛﻮﻧﻬﺎ ﻫﺒﺔً ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺣﻤﺔ ﺍلإﻟﻬﻴﺔ، ﻓﺴﺘﻮﻟﻴﻬﺎ ﺣﺒﺎ ﺧﺎﻟﺼﺎ ﻭﺭﺃﻓﺔ ﺟﺎﺩﺓ، ﻭﻫﻲ ﺑﺪﻭﺭﻫﺎ ﺗﺒﺎﺩﻟﻚ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺤﺒﺔ ﻣﻊ ﺍلاﺣﺘﺮﺍﻡ ﻭﺍﻟﺘﻮﻗﻴﺮ، ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﺗﺰﺩﺍﺩ ﺑﻴﻨﻜﻤﺎ ﻛﻠﻤﺎ ﺗﻘﺪﻣﺘﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻤﺮ، ﻓﺘﻘﻀﻴﺎﻥ ﺣﻴﺎﺓ ﺳﻌﻴﺪﺓ ﻫﻨﻴﺌﺔ ﺑﺈﺫﻥ ﺍﻟﻠﻪ.. ﻭﻟﻜﻦ ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺤﺐ ﻣﺒﻨﻴﺎ ﻋﻠﻰ ﺟﻤﺎﻝ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻬﻮﺍﻩ ﺍﻟﻨﻔﺲ، ﻓﺈﻧﻪ ﺳﺮﻋﺎﻥ ﻣﺎ ﻳﺨﺒﻮ ﻭﻳﺬﺑﻞ، ﻭﺗﻔﺴﺪ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺰﻭﺟﻴﺔ ﺃﻳﻀﺎ.

ﺃﻣﺎ ﻣﺤﺒﺘﻚ ﻟﻠﻮﺍﻟﺪ ﻭﺍﻟﻮﺍﻟﺪﺓ، ﻓﻬﻲ ﻋﺒﺎﺩﺓ ﺗُﺜﺎﺏ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﺎ ﺩﺍﻣﺖ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻠﻪ، ﻭلا ﺷﻚ ﺃﻧﻚ ﺳﺘﺰﻳﺪ ﺍﻟﺤﺐ ﻭﺍلاﺣﺘﺮﺍﻡ ﻟﻬﻤﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺒﻠﻐﺎﻥ ﺍﻟﻜِﺒَﺮ، ﻭﺗﻜﺴﺐ ﻟﺬﺓ ﺭﻭﺣﻴﺔ ﺧﺎﻟﺼﺔ ﻭﺭﺍﺣﺔ ﻗﻠﺒﻴﺔ ﺗﺎﻣﺔ ﻟﺪﻯ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﺑﺨﺪﻣﺘﻬﻤﺎ ﻭﺗﻘﺒﻴﻞ ﺃﻳﺪﻳﻬﻤﺎ ﻭﺗﺒﺠﻴﻠﻬﻤﺎ ﺑﺈﺧـلاﺹ، ﻓﺘﺘﻮﺟﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻮﻟﻰ ﺍﻟﻘﺪﻳﺮ، ﻭﺃﻧﺖ ﺗﺸﻌﺮ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﻌﻮﺭ ﺍﻟﺴﺎﻣﻲ ﻭﺍﻟﻬﻤﺔ ﺍﻟﺠﺎﺩﺓ، ﺑﺄﻥ ﻳﻄﻴﻞَ ﻋﻤﺮَﻫﻤﺎ ﻟﺘﺤﺼﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺜﻮﺍﺏ.. ﻭﻟﻜﻦ ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺤﺐ ﻭﺍلاﺣﺘﺮﺍﻡ لأﺟﻞ ﻛﺴﺐ ﺣﻄﺎﻡ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﻧﺎﺑﻌﺎ ﻣﻦ ﻫﻮﻯ ﺍﻟﻨﻔﺲ، ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻮﻟﺪ ﺃﻟﻤﺎ ﺭﻭﺣﻴﺎ ﻗﺎﺗﻤﺎ ﻳﻨﺒﻌﺚ ﻣﻦ ﺷﻌﻮﺭ ﺳﺎﻓﻞ ﻣﻨﺤﻂ ﻭﺇﺣﺴﺎﺱ ﺩﻧﻲﺀ ﻭﺿﻴﻊ ﻫﻮ ﺍﻟﻨﻔﻮﺭ ﻣﻦ ﺫﻳﻨﻚ ﺍﻟﻤﻮﻗّﺮَﻳﻦ ﺍﻟﻠﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﺎ ﺍﻟﺴﺒﺐ ﻟﺤﻴﺎﺗﻚَ ﺃﻧﺖ، ﻭﺍﺳﺘﺜﻘﺎﻟﻬﻤﺎ ﻭﻗﺪ ﺑﻠﻐﺎ ﺍﻟﻜِﺒﺮ ﻭﺑﺎﺗﺎ ﻋﺒﺌﺎ ﻋﻠﻴﻚ، ﺛﻢ ﺍلأﺩﻫﻰ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺗﻤﻨّﻲ ﻣﻮﺗﻬﻤﺎ ﻭﺗﺮﻗّﺐ ﺯﻭﺍﻟﻬﻤﺎ!

ﺃﻣﺎ ﻣﺤﺒﺘﻚ لأﻭلاﺩﻙ، ﺃﻱ ﺣُﺒﻚَ ﻟﻤَﻦ ﺍﺳﺘﻮﺩﻋﻚ ﺍﻟﻠﻪ ﺇﻳﺎﻫﻢ ﺃﻣﺎﻧﺔً، ﻟﺘﻘﻮﻡ ﺑﺘﺮﺑﻴﺘﻬﻢ ﻭﺭﻋﺎﻳﺘﻬﻢ.. ﻓﺤﺐ ﺃﻭﻟﺌﻚ ﺍﻟﻤﺆﻧﺴﻴﻦ ﺍﻟﻤﺤﺒﻮﺑﻴﻦ ﻣﻦ ﺧﻠﻖ ﺍﻟﻠﻪ، ﺇﻧﻤﺎ ﻫﻮ ﺣﺐ ﻣﻜﻠﻞ ﺑﺎﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﻭﺍﻟﺒﻬﺠﺔ، ﻭﻫﻮ ﻧﻌﻤﺔ ﺇﻟﻬﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ، ﻓﺈﺫﺍ ﺷﻌﺮﺕ ﺑﻬﺬﺍ ﻓـلا ﻳَﻨﺘَﺒْﻚ ﺍﻟﺤﺰﻥ ﻋﻠﻰ ﻣﺼﺎﺑﻬﻢ ﻭلا ﺗﺼﺮﺥ ﻣﺘﺤﺴﺮﺍ ﻋﻠﻰ ﻭﻓﺎﺗﻬﻢ. ﺇﺫ -ﻛﻤﺎ ﺫﻛﺮﻧﺎ ﺳﺎﺑﻘﺎ- ﺇﻥ ﺧﺎﻟﻘﻬﻢ ﺭﺣﻴﻢ ﺑﻬﻢ ﺣﻜﻴﻢ ﻓﻲ ﺗﺪﺑﻴﺮ ﺃﻣﻮﺭﻫﻢ ﻭﻋﻨﺪ ﺫﻟﻚ ﺗﻘﻮﻝ ﺇﻥ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﺑﺤﻖ ﻫﺆلاﺀ ﻟﻬﻮ ﺳﻌﺎﺩﺓ ﻟﻬﻢ. ﻓﺘﻨﺠﻮ ﺑﻬﺬﺍ ﻣﻦ ﺃﻟﻢ ﺍﻟﻔﺮﺍﻕ ﻭﺗﺘﻔﻜﺮ ﺃﻥ ﺗﺴﺘﺪﺭ ﺭﺣﻤﺘﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻠﻴﻚ.

ﺃﻣﺎ ﻣﺤﺒﺘﻚ ﻟـلأ ﺻﺪﻗﺎﺀ ﻭﺍلأﻗﺮﺑﺎﺀ، ﻓـلأ ﻧﻬﺎ ﻟﻮﺟﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ، ﻓـلا ﻳُﺤﻮﻝ ﻓﺮﺍﻗُﻬﻢ ﻭلا ﻣﻮﺗﻬﻢ ﻋﻦ ﺩﻭﺍﻡ ﺍﻟﺼﺤﺒﺔ ﻣﻌﻬﻢ، ﻭﺩﻭﺍﻡ ﺃﺧﻮﺗﻜﻢ ﻭﻣﺤﺒﺘﻜﻢ ﻭﻣﺆﺍﻧﺴﺘﻜﻢ؛ ﺇﺫ ﺗﺪﻭﻡ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺮﺍﺑﻄﺔ ﺍﻟﺮﻭﺣﻴﺔ ﻭﺍﻟﺤﺐ ﺍﻟﻤﻌﻨﻮﻱ ﺍﻟﺨﺎﻟﺺ، ﻓﺘﺪﻭﻡ ﺑﺪﻭﺭﻫﻤﺎ ﻟﺬﺓُ ﺍﻟﻠﻘﺎﺀ ﻭﻣﺘﻌﺔُ ﺍﻟﻮﺻﺎﻝ.. ﻭﻟﻜﻦ ﺇﻥ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺤﺐ لأﺟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻭلا ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻠﻪ، ﻓﺈﻥ ﻟﺬﺓ ﻟﻘﺎﺀ ﻳﻮﻡ ﻭﺍﺣﺪ ﻳﻮﺭﺙ ﺁلاﻡَ ﺍﻟﻔﺮﺍﻕ ﻟﻤﺎﺋﺔ ﻳﻮﻡ. (حاشية) ﺇﻥ ﺛﺎﻧﻴﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻣﻦ ﻟﻘﺎﺀ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺗﻌﺪ ﺳﻨﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻤﺮ، ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺳﻨﺔ ﻣﻦ ﻟﻘﺎﺀ لأﺟﻞ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺍﻟﻔﺎﻧﻴﺔ لا ﺗﺴﺎﻭﻱ ﺛﺎﻧﻴﺔ.

ﺃﻣﺎ ﻣﺤﺒﺘﻚ ﻟـلأ ﻧﺒﻴﺎﺀ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺍﻟﺴـلاﻡ ﻭﺍلأﻭﻟﻴﺎﺀ ﺍﻟﺼﺎﻟﺤﻴﻦ، ﻓﺈﻥ ﻋﺎﻟﻢ ﺍﻟﺒﺮﺯﺥ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﻋﺎﻟﻢ ﻣﻈﻠﻢ ﻣﻮﺣﺶ ﻓﻲ ﻧﻈﺮ ﺃﺭﺑﺎﺏ ﺍﻟﻀـلاﻟﺔ ﻭﺍﻟﻐﻔﻠﺔ ﺗﺮﺍﻩ ﻣﻨﺎﺯﻝَ ﻣﻦ ﻧﻮﺭ ﺗﻨﻮﺭﺕ ﺑﺄﻭﻟﺌﻚ ﺍﻟﻤﻨﻮﺭﻳﻦ، ﻭﻋﻨﺪﻫﺎ لا ﺗﺴﺘﻮﺣﺶ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﺤﺎﻕ ﺑﻬﻢ، ﻭلا ﺗﺠﻔﻞ ﻣﻦ ﻋﺎﻟﻢ ﺍﻟﺒﺮﺯﺥ، ﺑﻞ ﺗﺸﺘﺎﻕ ﺇﻟﻴﻪ، ﻭﺗﺤﻦ ﺇﻟﻴﻪ ﻣﻦ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﻌﻜﺮ ﺫﻟﻚ ﺗﻤﺘﻌﻚ ﺑﺎﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ.. ﻭﻟﻜﻦ ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﺣﺒُّﻬﻢ ﺷﺒﻴﻬﺎ ﺑﺤﺐ ﺃﺭﺑﺎﺏ ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﺔ ﻟﻤﺸﺎﻫﻴﺮ ﺍلإﻧﺴﺎﻧﻴﺔ، ﻓﺈﻥ ﻣﺠﺮﺩ ﺍﻟﺘﻔﻜﺮ ﻓﻲ ﻓﻨﺎﺀ ﺃﻭﻟﺌﻚ ﺍلأﻭﻟﻴﺎﺀ ﺍﻟﻜﺎﻣﻠﻴﻦ، ﻭﺗﺮﻣّﻢ ﻋﻈﺎﻣﻬﻢ ﻓﻲ ﻣﻘﺒﺮﺓ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ ﺍﻟﻜﺒﺮﻯ، ﻳﺰﻳﺪ ﺃﻟﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﺁلاﻡ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ، ﻭﻳﺪﻓﻊ ﺍﻟﻤﺮﺀ ﺇﻟﻰ ﺗﺼﻮﺭ ﻣﻮﺗﻪ ﻭﺯﻭﺍﻟﻪ ﺣﻴﺚ ﻳﻘﻮﻝ: ﺳﺄﺩﺧﻞ ﻳﻮﻣﺎ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻘﺒﺮﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺮﻣّﻢ ﻋﻈﺎﻡ ﺍﻟﻌﻈﻤﺎﺀ  ﻳﻘﻮﻟﻪ ﺑﻜﻞ ﻣﺮﺍﺭﺓ ﻭﺣﺴﺮﺓ ﻭﻗﻠﻖ.. ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﺭ ﺍلأﻭﻝ ﻳﺮﺍﻫﻢ ﻳﻘﻴﻤﻮﻥ ﺑﺮﺍﺣﺔ ﻭﻫﻨﺎﺀ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ ﺍﻟﺒﺮﺯﺥ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﻗﺎﻋﺔ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ﻭﺭﻭﺍﻗُﻪ، ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺗﺮﻛﻮﺍ ﻣـلاﺑﺴﻬﻢ ﺍﻟﺠﺴﺪﻳﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ.. ﻓﻴﻨﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻘﺒﺮﺓ ﻧﻈﺮﺓ ﺷﻮﻕ ﻭﺃﻧﺲ.

ﺛﻢ ﺇﻥ ﻣﺤﺒﺘﻚ ﻟـلأ ﺷﻴﺎﺀ ﺍﻟﺠﻤﻴﻠﺔ ﻭﺍلأﻣﻮﺭ ﺍﻟﻄﻴﺒﺔ، ﻟﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺤﺒﺔ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻠﻪ، ﻭﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺻﺎﻧﻌﻬﺎ ﺍﻟﺠﻠﻴﻞ ﺑﺤﻴﺚ ﻳﺠﻌﻠﻚ ﺗﻘﻮﻝ: ﻣﺎ ﺃﺟﻤﻞ ﺧﻠﻘَﻪ!. ﻓﺈﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺤﺒﺔ ﻓﻲ ﺣﺪ ﺫﺍﺗﻬﺎ ﺗﻔﻜُّﺮ ﺫﻭ ﻟﺬﺓ ﻭﻣﺘﻌﺔ، ﻓﻀـلا ﻋﻦ ﺃﻧﻬﺎ ﺗﻔﺘﺢ ﺍﻟﺴﺒﻴﻞ ﺃﻣﺎﻡ ﺃﺫﻭﺍﻕِ ﺣﺐ ﺍﻟﺠﻤﺎﻝ ﻭﺍﻟﺸﻮﻕ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﺴﻦ ﻟﺘﺘﻄﻠﻊ ﺇﻟﻰ ﻣﺮﺍﺗﺐ ﺃﺫﻭﺍﻕ ﺃﺳﻤﻰ ﻭﺃﺭﻓﻊ، ﻭﺗﺮﻳﻪ ﻫﻨﺎﻙ ﻛﻨﻮﺯ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺨﺰﺍﺋﻦ ﺍﻟﻨﻔﻴﺴﺔ ﻓﻴﺘﻤـلاﻫﺎ ﺍﻟﻤﺮﺀُ ﻓﻲ ﻧﺸﻮﺓ ﺳﺎﻣﻴﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ؛ ﺫﻟﻚ لأﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺤﺒﺔ ﺗﻔﺘﺢ ﺁﻓﺎﻗﺎ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻟﻴﺤﻮّﻝ ﻧﻈﺮَﻩ ﻣﻦ ﺁﺛﺎﺭ ﺍﻟﺼﺎﻧﻊ ﺍﻟﺠﻠﻴﻞ ﺇﻟﻰ ﺟﻤﺎﻝ ﺃﻓﻌﺎﻟﻪ ﺍﻟﺒﺪﻳﻌﺔ، ﻭﻣﻦ ﺟﻤﺎﻝ ﺍلأﻓﻌﺎﻝ ﺇﻟﻰ ﺟﻤﺎﻝ ﺃﺳﻤﺎﺋﻪ ﺍﻟﺤﺴﻨﻰ، ﻭﻣﻦ ﺟﻤﺎﻝ ﺍلأﺳﻤﺎﺀ ﺍﻟﺤﺴﻨﻰ ﺇﻟﻰ ﺟﻤﺎﻝ ﺻﻔﺎﺗﻪ ﺍﻟﺠﻠﻴﻠﺔ، ﻭﻣﻦ ﺟﻤﺎﻝ ﺍﻟﺼﻔﺎﺕ ﺍﻟﺠﻠﻴﻠﺔ ﺇﻟﻰ ﺟﻤﺎﻝ ﺫﺍﺗﻪ ﺍﻟﻤﻘﺪﺳﺔ.. ﻓﻬﺬﻩ ﺍﻟﻤﺤﺒﺔ ﻭﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﺴﺒﻴﻞ ﺇﻧﻤﺎ ﻫﻲ ﻋﺒﺎﺩﺓ ﻟﺬﻳﺬﺓ ﻭﺗﻔﻜﺮ ﺭﻓﻴﻊ ﻣﻤﺘﻊ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ.

ﺃﻣﺎ ﻣﺤﺒﺘﻚ ﻟﻠﺸﺒﺎﺏ، ﻓـلأ ﻧﻚ ﻗﺪ ﺃﺣﺒﺒﺖَ ﻋﻬﺪ ﺷﺒﺎﺑﻚ ﻟﻜﻮﻧﻪ ﻧﻌﻤﺔ ﺟﻤﻴﻠﺔ ﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ، ﻓـلا ﺷﻚ ﺃﻧﻚ ﺳﺘﺼﺮﻓﻪ ﻓﻲ ﻋﺒﺎﺩﺗﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻭلا ﺗﻘﺘﻠﻪ ﻏﺮﻗﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺴَﻔﻪ ﻭﺗﻤﺎﺩﻳﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻐﻲ؛ ﺇﺫ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺍﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻜﺴﺒﻬﺎ ﻓﻲ ﻋﻬﺪ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﺇﻧﻤﺎ ﻫﻲ ﺛﻤﺮﺍﺕ ﻳﺎﻧﻌﺔ ﺑﺎﻗﻴﺔ ﺧﺎﻟﺪﺓ ﺃﺛﻤﺮﻫﺎ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻌﻬﺪُ ﺍﻟﻔﺎﻧﻲ، ﻓﻜﻠﻤﺎ ﺟﺎﻭﺯﺕ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻌﻬﺪ ﻭﻃﻌﻨﺖ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻦ ﺣﺼﻠﺖ ﻋﻠﻰ ﻣﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﺛﻤﺮﺍﺗﻪ ﺍﻟﺒﺎﻗﻴﺔ، ﻭﻧﺠﻮﺕ ﺗﺪﺭﻳﺠﻴﺎ ﻣﻦ ﺁﻓﺎﺕ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺍلأﻣﺎﺭﺓ ﺑﺎﻟﺴﻮﺀ ﻭﺳﻴﺌﺎﺕ ﻃﻴﺶ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ. ﻓﺘﺮﺟﻮ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻮﻟﻰ ﺍﻟﻘﺪﻳﺮ ﺃﻥ ﻳﻮﻓﻘﻚ ﺇﻟﻰ ﻛﺴﺐ ﺍﻟﻤﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻴﺨﻮﺧﺔ، ﻟﺘﻜﻮﻥ ﺃﻫـلا ﻟﺮﺣﻤﺘﻪ ﺍﻟﻮﺍﺳﻌﺔ. ﻭﺗﺮﺑﺄ ﺑﻨﻔﺴﻚ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﺜﻞ ﺃﻭﻟﺌﻚ ﺍﻟﻐﺎﻓﻠﻴﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻘﻀﻮﻥ ﺧﻤﺴﻴﻦ ﺳﻨﺔ ﻣﻦ ﻋﻤﺮ ﺷﻴﺨﻮﺧﺘﻬﻢ ﻭﺷﻴﺒﻬﻢ ﺃﺳﻔﺎ ﻭﻧﺪﻣﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻓﻘﺪﻭﻩ ﻣﻦ ﻣﺘﺎﻉ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﻓﻲ ﺧﻤﺲ ﺃﻭ ﻋﺸﺮ ﺳﻨﻮﺍﺕ. ﺣﺘﻰ ﻋﺒّﺮ ﺃﺣﺪ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﻋﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻨﺪﻡ ﻭﺍلأﺳﻒ ﺑﻘﻮﻟﻪ:

     ﻓﻴﺎﻟَﻴﺖَ ﺍﻟﺸَﺒﺎﺏَ ﻳﻌﻮﺩُ ﻳﻮﻣﺎ      ﻓﺄﺧﺒﺮَﻩ ﺑِﻤَﺎ ﻓَﻌَﻞَ ﺍﻟﻤَﺸِﻴﺐُ

   ﺃﻣﺎ ﻣﺤﺒﺘﻚ ﻟﻠﻤﻨﺎﻇﺮ ﺍﻟﺒﻬﻴﺠﺔ ﻭلا ﺳﻴّﻤﺎ ﻣﻨﺎﻇﺮ ﺍﻟﺮﺑﻴﻊ، ﻓﺤﻴﺚ ﺇﻧﻬﺎ ﻣﺸﺎﻫﺪﺓ ﻟﺒﺪﺍﺋﻊ ﺻُﻨﻊ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺍلاﻃـلاﻉ ﻋﻠﻴﻬﺎ، ﻓﺬﻫﺎﺏ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺮﺑﻴﻊ لا ﻳﺰﻳﻞ ﻟﺬﺓَ ﺍﻟﻤﺸﺎﻫﺪﺓ ﻭﻣﺘﻌﺔ ﺍﻟﺘﻔﺮﺝ، ﺇﺫ ﻳﺘﺮﻙ ﻭﺭﺍﺀﻩ ﻣﻌﺎﻧﻴَﻪ ﺍﻟﺠﻤﻴﻠﺔ، ﺣﻴﺚ ﺍﻟﺮﺑﻴﻊ ﺃﺷﺒﻪ ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﺮﺳﺎﻟﺔ ﺭﺑﺎﻧﻴﺔ ﺯﺍﻫﻴﺔ ﺗُﻔﺘﺢ ﻟﻠﻤﺨﻠﻮﻗﺎﺕ. ﻓﺨﻴﺎﻟﻚ ﻭﺍﻟﺰﻣﻦ ﺷﺒﻴﻬﺎﻥ ﺑﺎﻟﺸﺮﻳﻂ ﺍﻟﺴﻴﻨﻤﺎﺋﻲ ﻳﺪﻳﻤﺎﻥ ﻟﻚ ﻟﺬﺓ ﺍﻟﻤﺸﺎﻫﺪﺓ ﻫﺬﻩ، ﻭﻳﺠﺪﺩﺍﻥ ﺩﻭﻣﺎ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﻌﺎﻧﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺤﻤﻠﻬﺎ ﺭﺳﺎﻟﺔُ ﺍﻟﺮﺑﻴﻊ. ﻓـلا ﻳﻜﻮﻥ ﺣﺒُّﻚ ﺇﺫﻥ ﻣﺆﻗﺘﺎ ﻭلا ﻣﻐﻤﻮﺭﺍ ﺑﺎلأﺳﻒ ﻭﺍلأﺳﻰ، ﺑﻞ ﺻﺎﻓﻴﺎ ﺧﺎﻟﺼﺎ ﻟﺬﻳﺬﺍ ﻣﻤﺘﻌﺎ.

ﺃﻣﺎ ﺣﺒﻚ ﻟﻠﺪﻧﻴﺎ، ﻓـلأ ﻧﻪ ﺣﺐ ﻟﻠﻪ ﻭلأﺟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ، ﻓﺈﻥ ﻣﻮﺟﻮﺩﺍﺗﻬﺎ ﺍﻟﻤﺜﻴﺮﺓ ﻟﻠﺮﻋﺐ ﻭﺍﻟﺪﻫﺸﺔ ﺗﺼﺒﺢ ﻟﻚ ﺃﺻﺪﻗﺎﺀ ﻣﺆﻧﺴﻴﻦ، ﻭلأﻧﻚ ﺗﺘﻮﺟﻪ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺑﺎﻟﺤﺐ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻛﻮﻧﻬﺎ ﻣﺰﺭﻋﺔ ﺍلآﺧﺮﺓ، ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﺗﺠﻨﻲ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺛﻤﺮﺓ ﻣﻦ ﺛﻤﺎﺭ ﺍلآﺧﺮﺓ، ﺃﻭ ﺗﻐﻨﻢ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺭﺃﺱ ﻣﺎﻝ ﻟـلآﺧﺮﺓ. ﻓﻤﺼﺎﺋﺒُﻬﺎ ﺇﺫﻥ لا ﺗﺨﻴﻔﻚ ﻭﺯﻭﺍﻟُﻬﺎ ﻭﻓﻨﺎﺅﻫﺎ لا ﻳﻀﺎﻳﻘﻚ. ﻭﻫﻜﺬﺍ ﺗﻘﻀﻲ ﻣﺪﺓ ﺃﻗﺎﻣﺘﻚ ﻓﻴﻬﺎ، ﻭﺃﻧﺖ ﺿﻴﻒ ﻣﻜﺮﻡ.. ﻭﻟﻜﻦ ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﺣﺒﻚ ﻟﻬﺎ ﻛﺤﺐ ﺃﺭﺑﺎﺏ ﺍﻟﻐﻔﻠﺔ، ﻓﻘﺪ ﻗﻠﻨﺎ ﻟﻚ ﻣﺮﺍﺭﺍ: ﺳﺘﻐﺮﻕ ﻧﻔﺴَﻚ ﻭﺗﻔﻨﻰ ﺑﺤﺐٍ ﺳﺎﺣﻖٍ، ﺧﺎﻧﻖ، ﺯﺍﺋﻞ، لا ﻃﺎﺋﻞ ﻭﺭﺍﺀﻩ ﻭلا ﻧﻔﻊ!.

ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻓﻘﺪ ﺣﺎﻭﻟﻨﺎ ﺃﻥ ﻧُﺮﻱ ﻟﻄﻴﻔﺔً ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻣﻦ ﻣﺌﺎﺕ ﺍﻟﻠﻄﺎﺋﻒ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻌﻮﺩ ﻟﻜﻞٍ ﻣﻤﺎ ﺫﻛﺮﺗَﻪ، ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺣﺒﻚ ﻟﻪ ﻭﻓﻖ ﺇﺭﺷﺎﺩ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ، ﻭﺃﺷﺮﻧﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ﺇﻟﻰ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﻣﺌﺎﺕ ﺃﺿﺮﺍﺭ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺤﺐ ﺇﻥ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻭﻓﻖ ﻣﺎ ﻳﺄﻣﺮ ﺑﻪ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ.

    *    *    *

    ﻓﺈﻥ ﻛﻨﺖ ﺗﺮﻳﺪ ﺃﻥ ﺗﺪﺭﻙ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﻫﺬﻩ ﺍلأﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺤﺒﺔ ﻓﻲ ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺒﻘﺎﺀ ﻭﻋﺎﻟﻢ ﺍلآﺧﺮﺓ، ﻣﺜﻠﻤﺎ ﺃﺷﺎﺭﺕ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺍلآﻳﺎﺕ ﺍﻟﺒﻴﻨﺎﺕ ﻟﻠﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ، ﻓﺴﻨﺒﻴﻦ ﻟﻚ ﺑﻴﺎﻧﺎ ﻣﺠﻤـلا ﻓﺎﺋﺪﺓ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﺃﺧﺮﻭﻳﺔ ﻣﻦ ﻓﻮﺍﺋﺪ ﺗﻠﻚ ﺍلأﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﻤﺸﺮﻭﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺤﺒﺔ، ﻭﺫﻟﻚ ﻓﻲ ﺗﺴﻊ ﺇﺷﺎﺭﺍﺕ، ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻧﻘﺪﻡ ﺑﻴﻦ ﻳﺪﻳﻬﺎ ﻣﻘﺪﻣﺔ: