264
إخواني.. سأبيِّن لكم فكرةً تنفعكم فيما يخصُّ العلاقة بين الأستاذ والطلاب ورفاقِ الدَّرس؛ وهي أنكم طلابي من جهة، وهذا أمرٌ فوق حدي، ورفاقُ درسي من جهةٍ أخرى، ومعاوِنيَّ ومستشارِيَّ من جهةٍ ثالثة.
إخواني الأعزَّاء.. إن أستاذكم ليس معصومًا عن الخطأ، بل من الخطأ الظنُّ أنه بلا خطأ؛ فإذا كان وجودُ تفاحةٍ فاسدةٍ في بستانٍ لا يضرُّه، ووجودُ نقدٍ مزيَّفٍ في خزينةٍ لا يَحُطُّ من قيمتها، فإن الإنصافَ يقتضي -بسرِّ: الحسنةُ بعشرِ أمثالها والسيئة بمثلها- ألا يُعكِّر القلبَ وقوعُ سيئةٍ أو خطأٍ ما، ولا ينبغي أن يدفع للاعتراض على الحسنات الأخرى. إنَّ المسائل المتعلقة بالحقائق قطعيَّةٌ صريحةٌ لا شبهة فيها؛ لأن كُلِّيَّاتها وبعضَ تفصيلاتها نوعٌ من السُّنوحات الإلهامية.
ألا فلتعلموا يا إخواني ويا رفاق درسي أنكم إن رأيتُم مني خطأً فأعلَمتموني به دون حرجٍ كنتُ مسرورًا بذلك، بل حتى لو انتقدتموني بسببه لقلتُ لكم: جزاكم الله خيرًا؛ إذْ لا يُلتَفَتُ إلى الخلق في سبيل مراعاة الحق؛ ولا نَرُدُّ حقيقةً إرضاءً لأنانية النفس الأمَّارة، بل نَقبلُها على الرأس والعين وإن ْجهِلْنا ماهيتَها؛ مراعاةً لمقام الحق.
وأنتم تعلمون أنَّ هذه الوظيفة الإيمانية وظيفةٌ بالغةُ الأهمية في هذا الزمان، فما ينبغي أنْ تُلقى على عاتقِ شخصٍ ضعيفٍ مثلي مشتَّتِ الفكر عديمِ الحيلة، بل لا بد من مساعدته بقدر المستطاع.
وإننا في سياق اشتغالنا بالحقائق الجليلة منذ سنتين، أنعم الله علينا من كمالِ رحمته بتوافقاتٍ لطيفةٍ هي أشبه ما تكون بالفواكه والثمار، فلَطَّف بها أذهاننا وأمتعَها، ووجَّهها نحو الحقيقة القرآنيَّة الجليلة، وجعل هذه الثمار غذاءً وقوتًا لأرواحنا، فصارت فاكهةً وقُوْتًا في آنٍ واحد كالتَّمر، واتَّحدت الحقيقةُ والزِّينةُ والمزِيَّة. [أي اجتمع في هذه الحقائق ما هو ضروريٌّ مع ما هو تحسينيٌّ كماليّ؛ هـ ت]