ﺗﻨﺒﻴﻪ

ﺇﻥّ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺪﻳﻮﺍﻥ ﺍﻟﻤﻮﺳﻮﻡ ﺑـ«ﺍﻟﻠﻮﺍﻣﻊ» لا ﻳﺠﺮﻱ ﻣﺠﺮﻯ ﺍﻟﺪﻭﺍﻭﻳﻦ ﺍلأﺧﺮﻯ ﻋﻠﻰ ﻧﻤﻂ ﻭﺍﺣﺪ ﻣﺘﻨﺎﻭلا ﻋﺪﺩﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻮﺍﺿﻴﻊ؛ ﺫﻟﻚ لأﻥ ﺍﻟﻤﺆﻟﻒ ﺍﻟﻤﺤﺘﺮﻡ ﻗﺪ ﻭﺿﺢ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻤﻘﻮلاﺕ ﺍﻟﺒﻠﻴﻐﺔ ﺍﻟﻤﺨﺘﺼﺮﺓ ﺟﺪﺍ لأﺣﺪ ﻣﺆﻟﻔﺎﺗﻪ ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ «ﻧﻮﻯ ﺍﻟﺤﻘﺎﺋﻖ»، ﻭلأﻧﻪ ﻗﺪ ﻛﺘﺐ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﻠﻮﺏ ﺍﻟﻨﺜﺮِ، ﺯﺩ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ لا ﻳﺠﻨﺢ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺨﻴﺎلاﺕ ﻭﺍلاﻧﻄـلاﻕ ﻣﻦ ﺃﺣﺎﺳﻴﺲ ﻏﻴﺮ ﻣﻮﺯﻭﻧﺔ، ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﻓﻲ ﺳﺎﺋﺮ ﺍﻟﺪﻭﺍﻭﻳﻦ. ﻓـلا ﻳﻀﻢ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺪﻳﻮﺍﻥ ﺑﻴﻦ ﺩﻓﺘﻴﻪ ﺇلا ﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﻮﺯﻭﻥ ﺑﻤﻴﺰﺍﻥ ﺍﻟﻤﻨﻄﻖ ﻭﺣﻘﺎﺋﻖ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭﺍلإﻳﻤﺎﻥ. ﻓﻬﻮ ﺩﺭﺱ ﻋﻠﻤﻲ ﺑﻞ ﻗﺮﺁﻧﻲ ﻭﺇﻳﻤﺎﻧﻲ ﺃﻟﻘﺎﻩ ﺍﻟﻤﺆﻟﻒ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺎﻣﻊ ﺍﺑﻦ ﺃﺧﻴﻪ ﻭﺃﻣﺜﺎﻟﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻄـلاﺏ ﺍﻟﺬﻳﻦ لاﺯﻣﻮﻩ. ﻭﻟﻘﺪ ﺍﻗﺘﺪﻯ ﺃﺳﺘﺎﺫﻧﺎ ﻭﺍﺳﺘﻔﺎﺽ ﻣﻦ ﻧﻮﺭ ﴿وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ﴾ ﻓﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻟﻪ ﻣﻴﻞ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﻈﻢ ﻭﺍﻟﺸﻌﺮ ﻭﻟﻢ ﻳﺸﻐﻞ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﻬﻤﺎ ﺃﺑﺪﺍ، ﻛﻤﺎ ﺑﻴّﻨﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻨﺒﻴﻪ ﺍﻟﻤﺘﺼﺪﺭ ﻟـلأﺛﺮ ﻭﺃﺩﺭﻛﻨﺎ ﻧﺤﻦ ﺃﻳﻀﺎ ﻣﻨﻪ ﻫﺬﺍ ﺍلأﻣﺮ.

ﻭﻗﺪ ﺗﻢَّ ﺗﺄﻟﻴﻒ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺪﻳﻮﺍﻥ ﺍﻟﺸﺒﻴﻪ ﺑﺎﻟﻤﻨﻈﻮﻡ ﺧـلاﻝ ﻋﺸﺮﻳﻦ ﻳﻮﻣﺎ، ﺑﻌﺪ ﺳﻌﻲ ﻣﺘﻮﺍﺻﻞ ﻟﺴﺎﻋﺘﻴﻦ ﺃﻭ ﺯﻳﺎﺩﺓ ﻧﺼﻒ ﺳﺎﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ﻳﻮﻣﻴﺎ، ﻣﻊ ﻛﺜﺮﺓ ﺍﻟﻤﺸﺎﻏﻞ ﻭﺍﻟﻤَﻬﺎﻡ ﺍﻟﺠﻠﻴﻠﺔ ﻟـ«ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﺍلإﺳـلاﻣﻴﺔ».

ﺇﻥ ﺗﺄﻟﻴﻔﺎ ﻛﻬﺬﺍ ﺿﻤﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﻘﺼﻴﺮ ﺟﺪﺍ، ﻣﻊ ﻣﺎ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﺻﺤﻴﻔﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻡ ﺻﻌﻮﺑﺔ ﺗﻔﻮﻕ ﻋﺸﺮ ﺻﻔﺤﺎﺕ ﻣﻦ ﻏﻴﺮﻩ، ﻭﻣﻊ ﻭﺭﻭﺩﻩ ﻓﻄﺮﻳﺎ ﻭﻃﺒﻌﻪ ﻛﻤﺎ ﻭﺭﺩ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﻄﺮﺃ ﻋﻠﻴﻪ ﺗﺼﺤﻴﺢ ﺃﻭ ﺗﺸﺬﻳﺐ ﺃﻭ ﺗﺪﻗﻴﻖ.. ﻳﺠﻌﻠﻨﺎ ﻧﺮﺍﻩ ﺧﺎﺭﻗﺔ ﻣﻦ ﺧﻮﺍﺭﻕ ﺭﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﻨﻮﺭ، ﻓـلا ﻧﻌﻠﻢ ﺩﻳﻮﺍﻥ ﺷﻌﺮ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﻳﺴﻬﻞ ﻗﺮﺍﺀﺗﻪ ﻧﺜﺮﺍ ﺩﻭﻥ ﺗﻜﻠّﻒ .

ﻧﺴﺄﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﻥ ﻳﺠﻌﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺆﻟَّﻒ ﺍﻟﻨﻔﻴﺲ ﺑﻤﺜﺎﺑﺔ ﺍﻟﻤﺜﻨﻮﻱ (ﺍﻟﺮﻭﻣﻲ) ﻟﻄـلاﺏ ﺍﻟﻨﻮﺭ، ﺇﺫ ﻫﻮ ﺧـلاﺻﺔ ﻗﻴﻤﺔ ﻟﺮﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﻨﻮﺭ ﻭﻓﻲ ﺣﻜﻢ ﻓﻬﺮﺱ ﻳﺒﺸﺮ ﺑﻘﺪﻭﻣﻬﺎ ﻭﻳﺸﻴﺮ ﺇﺷﺎﺭﺓ ﻣﺴﺘﻘﺒﻠﻴﺔ ﺇﻟﻴﻬﺎ، ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺮﺳﺎﺋﻞ ﺍﻟﺘﻲ ﻇﻬﺮﺕ ﺑﻌﺪ ﻋﺸﺮ ﺳﻨﻮﺍﺕ ﻭﺍﻛﺘﻤﻠﺖ ﻓﻲ ﻏﻀﻮﻥ ﺛـلاﺙ ﻭﻋﺸﺮﻳﻦ ﺳﻨﺔ.

 ﺻﻨﻐﻮﺭ، ﻣﺤﻤﺪ ﻓﻴﻀﻲ، ﺧﺴﺮﻭ

 ﻣﻦ ﻃـلاﺏ ﺍﻟﻨﻮﺭ


ﺗﻨﺒﻴﻪ

 

ﻟﻢ ﺃﻗﺪﺭ ﺍﻟﻨﻈﻢ ﻭﺍﻟﻘﺎﻓﻴﺔ ﻗﺪﺭﻫﻤﺎ، ﻟﻌﺪﻡ ﻣﻌﺮﻓﺘﻲ ﺑﻬﻤﺎ، ﻓﺎﻟﻤﺮﺀ ﻋﺪﻭّ ﻟﻤﺎ ﺟﻬﻞ.

ﻭﻟﻢ ﺃﺷﺄ ﻗﻂ ﺗﻐﻴﻴﺮ ﺻﻮﺭﺓ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻟﺘﻮﺍﻓِﻖ ﺃﻫﻮﺍﺀ ﺍﻟﻘﺎﻓﻴﺔ، ﻧﻈﻴﺮ «ﺍﻟﺘﻀﺤﻴﺔ ﺑﺼﺎﻓﻴﺔ ﻓﺪﺍﺀ ﻟﻠﻘﺎﻓﻴﺔ» ﻭلأﺟﻞ ﻫﺬﺍ ﻓﻘﺪ ﺃﻟﺒﺴﺖُ ﺃﺳﻤﻰ ﺍﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ﺃﺭﺩﺃ ﺍﻟﻤـلاﺑﺲ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﺨﺎﻟﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺎﻓﻴﺔ ﻭﺍﻟﻨﻈﻢ. ﻭﺫﻟﻚ:

ﺃﻭلا: لأﻧﻨﻲ لا ﺃﻋﻠﻢ ﺃﻓﻀﻞ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ. ﻓﻜﻨﺖ ﺃﺣﺼﺮ ﻓﻜﺮﻱ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﻭﺣﺪﻩ، ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻠﻔﻆ.

ﺛﺎﻧﻴﺎ: ﺃﺭﺩﺕ ﺃﻥ ﺃﺑﻴﻦ ﺑﻬﺬﺍ ﺍلأﺳﻠﻮﺏ ﻧﻘﺪﻱ لأﻭﻟﺌﻚ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻨﺤﺘﻮﻥ ﺍﻟﺠﺴﺪ ﻟﻴﻮﺍﻓﻖ ﺍﻟﻠﺒﺎﺱ

ﺛﺎﻟﺜﺎ: ﺃﺭﺩﺕ ﺇﺷﻐﺎﻝ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺃﻳﻀﺎ ﺑﺎﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ﺍﻟﻌﺎﻟﻴﺔ ﻣﻊ ﺍﻧﺸﻐﺎﻝ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﺑﻬﺎ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﻬﺮ ﺍﻟﻤﺒﺎﺭﻙ، ﺷﻬﺮ ﺭﻣﻀﺎﻥ.

ﻭلأﺟﻞ ﻫﺬﻩ ﺍلأﺳﺒﺎﺏ ﺍِﺧﺘﻴﺮَ ﻫﺬﺍ ﺍلأﺳﻠﻮﺏ ﺍﻟﺸﺒﻴﻪ ﺑﺄﺳﺎﻟﻴﺐ ﺍﻟﻤﺒﺘﺪﺋﻴﻦ.

ﻭﻟﻜﻦ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻘﺎﺭﺉ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ!

ﻟﺌﻦ ﻛﻨﺖ ﻗﺪ ﺃﺧﻄﺄﺕ -ﻭﺃﻧﺎ ﺃﻋﺘﺮﻑ ﺑﻪ- ﻓﺈﻳﺎﻙ ﺃﻥ ﺗﺨﻄﺊ ﻓﺘﻨﻈﺮَ ﺇﻟﻰ ﺍلأﺳﻠﻮﺏ ﺍﻟﻤﺘﻬﺮﺉ ﻭلا ﺗﻨﻌﻢ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ﺍﻟﺮﻓﻴﻌﺔ، ﻭﻣﻦ ﺛﻢ ﺗﻬﻮّﻥ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻬﺎ.


    ﺇﻳﻀﺎﺡ

ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻘﺎﺭﺉ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ! ﺇﻧﻨﻲ ﺃﻋﺘﺮﻑ ﺳﻠﻔﺎ ﺑﻀﺠﺮﻱ ﻣﻦ ﻓﻘﺮ ﻗﺎﺑﻠﻴﺘﻲ ﻓﻲ ﺻﻨﻌﺔ ﺍﻟﺨﻂّ ﻭﻓﻦ ﺍﻟﻨﻈﻢ، ﺇﺫ لا ﺃﺳﺘﻄﻴﻊ ﺍلآﻥ ﺣﺘﻰ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﺍﺳﻤﻲ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﺟﻴﺪﺓ، ﻭﻟﻢ ﺃﺗﻤﻜﻦ ﻃﻮﺍﻝ ﺣﻴﺎﺗﻲ ﻣﻦ ﻧﻈﻢ ﺑﻴﺖٍ ﻭﺍﺣﺪ ﺃﻭ ﻣﻦ ﻭﺯﻧﻪ. ﻭﻟﻜﻦ، ﻭﻋﻠﻰ ﺣﻴﻦ ﻏﺮّﺓ ﺃﻟﺤّﺖْ ﻋﻠﻰ ﻓﻜﺮﻱ ﺭﻏﺒﺔٌ ﻗﻮﻳﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻈﻢ، ﻭﻗﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﺭﻭﺣﻲ ﺗﺮﺗﺎﺡ ﻟﻤﺎ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺏ «ﻗﻮﻝ ﻧﻮﺍلا ﺳﻴﺴﻴﺒﺎﻥ» ﻣﻦ ﻧﻈﻢٍ ﻓﻄﺮﻱ ﻋﻔﻮﻱ ﻋﻠﻰ ﻧﻤﻂ ﻣﺪﺍﺋﺢ ﺗﺼﻒ ﻏﺰﻭﺍﺕ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﺍﻟﻜﺮﺍﻡ ﺭﺿﻮﺍﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻬﻢ. ﻓﺎﺧﺘﺮﺕُ ﻟﻨﻔﺴﻲ ﻃﺮﺍﺯ ﻧﻈﻤﻪ، ﻭﻛﺘﺒﺖُ ﻧﺜﺮﺍ ﺷﺒﻴﻬﺎ ﺑﺎﻟﻨﻈﻢ. ﻭﻟﻢ ﺃﺗﻜﻠﻒ ﻟﻠﻮﺯﻥ ﻗﻄﻌﺎ. ﻓﻠﻴﻘﺮﺃﻩ ﻣَﻦ ﺷﺎﺀ ﻧﺜﺮﺍ ﻗﺮﺍﺀﺓ ﺳﻬﻠﺔ ﺩﻭﻥ ﺗﺬﻛّﺮ ﺍﻟﻨﻈﻢ ﻭﺍلاﻫﺘﻤﺎﻡ ﺑﻪ، ﺑﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻥ ﻳﻌﺪّﻩ ﻧﺜﺮﺍ ﻟﻴﻔﻬﻢ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ، ﺇﺫ ﻫﻨﺎﻙ ﺍﺭﺗﺒﺎﻁ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻘِﻄﻊَ، ﻭﻋﻠﻴﻪ ﺃلا ﻳﺘﻮﻗﻒ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺎﻓﻴﺔ. ﻓﻜﻤﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﻄﺎﻗﻴﺔ ﻭﺍﻟﻄﺮﺑﻮﺵ ﺑـلا ﺷُﺮّﺍﺑﺔ ﻛﺬﻟﻚ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻮﺯﻥ ﺃﻳﻀﺎ ﺑـلا ﻗﺎﻓﻴﺔ، ﻭﺍﻟﻨﻈﻢ ﺑـلا ﻗﺎﻋﺪﺓ. ﺑﻞ ﺍﻋﺘﻘﺪ ﺍﻧﻪ ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﻭﺍﻟﻨﻈﻢ ﺟﺬﺍﺑﻴﻦ ﺻﻨﻌﺔً ﻳُﺸﻐـلاﻥ ﻓﻜﺮ ﺍلإﻧﺴﺎﻥ ﺑﻬﻤﺎ ﻭﻳﺸﺪّﺍﻧﻪ ﺇﻟﻴﻬﻤﺎ، ﻓﺎلأﻭﻟﻰ ﺇﺫﻥ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻠﻔﻆ ﺑﺴﻴﻄﺎ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﺗﺰﻭﻳﻖ ﻟﺌـلا ﻳﺼﺮﻑ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﺇﻟﻴﻪ.

ﺇﻥ ﺃﺳﺘﺎﺫﻱ ﻭﻣﺮﺷﺪﻱ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ: ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ.. ﻭﻛﺘﺎﺑﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻗﺮﺃﻩ: ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ.. ﻭﻣﺨﺎﻃﺒﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻭﺟّﻪ ﻟﻪ ﺍﻟﻜـلاﻡ: ﻧﻔﺴﻲ..ﺃﻣﺎ ﺃﻧﺖ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻘﺎﺭﺉ ﺍﻟﻌﺰﻳﺰ، ﻓﻤﺴﺘﻤﻊ ﻟﻴﺲ ﺇلا، ﻭﺍﻟﻤﺴﺘﻤﻊ لا ﻳﺤﻖ ﻟﻪ ﺍلاﻧﺘﻘﺎﺩ، ﺑﻞ ﻳﺄﺧﺬ ﻣﺎ ﻳﻌﺠﺒﻪ ﻭلا ﻳﺘﻌﺮﺽ ﻟﻤﺎ لا ﻳﻌﺠﺒﻪ.

ﻭﻟﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻛﺘﺎﺑﻲ ﻫﺬﺍ ﻧﺎﺑﻌﺎ ﻣﻦ ﻓﻴﺾ ﺍﻟﺸﻬﺮ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ، ﺷﻬﺮ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﺍﻟﻤﺒﺎﺭﻙ، (حاشية) ﺣﺘﻰ ﺇﻥ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺗﺄﻟﻴﻔﻪ ﻇﻬﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺓ ﺍلآﺗﻴﺔ: (ﻧﺠﻢ ﺃﺩﺏ ﻭُﻟِﺪ ﻟﻬـلاﻟَﻲ ﺭﻣﻀﺎﻥ) ﻣﺠﻤﻮﻉ ﺃﺭﻗﺎﻣﻪ:1337. ﻓﺈﻧﻨﻲ ﺁﻣﻞ ﺃﻥ ﻳﺆﺛﺮ ﻓﻲ ﻗﻠﺐ ﺃﺧﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻳﻦ، ﻓﻴﻬﺪﻱ ﻟﻲ ﺑﻈﻬﺮ ﺍﻟﻐﻴﺐ ﺩﻋﺎﺀً ﺑﺎﻟﻤﻐﻔﺮﺓ ﺃﻭ ﻗﺮﺍﺀﺓ ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻔﺎﺗﺤﺔ.


ﺍﻟﺪﺍﻋﻲ

 (حاشية) ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﻄﻌﺔ ﺗﻮﻗﻴﻌﻪ.

    ﻗﺒﺮﻱ ﺍﻟﻤﻬﺪّﻡ ﻳﻀﻢ ﺗﺴﻌﺎ ﻭﺳﺒﻌﻴﻦ ﺟﺜﺔ

(حاشية) ﻳﻌﻨﻲ ﺃﻥ ﺳﻌﻴﺪﻳﻦ ﻳﻤﻮﺗﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪﺓ، ﺣﻴﺚ ﻳﺘﺠﺪﺩ ﺍﻟﺠﺴﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﻣﺮﺗﻴﻦ. ﻓﻀـلا ﻋﻦ ﺃﻥ ﺳﻌﻴﺪﺍ ﺳﻴﻌﻴﺶ ﺇﻟﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ، ﺃﻱ ﺇﻟﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺴﻨﺔ، ﺍﻟﺘﺎﺳﻌﺔ ﻭﺍﻟﺴﺒﻌﻴﻦ، ﺇﺫ ﻳﻤﻮﺕ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺳﻨﺔ ﺳﻌﻴﺪ.

    ﻟﺴﻌﻴﺪ ﺫﻱ ﺍلآﺛﺎﻡ ﻭﺍلآلاﻡ

    ﻭﻗﺪ ﻏﺪﺍ ﺗﻤﺎﻡ ﺍﻟﺜﻤﺎﻧﻴﻦ ﺷﺎﻫﺪ ﻗﺒﺮﻱ

    ﻭﺍﻟﻜﻞ ﻳﺒﻜﻲ

(حاشية) ﻓﻠﻘﺪ ﺃﺣﺲ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻮﻗﻮﻉ ﺑﻬﺬﻩ ﺍلأﺣﻮﺍﻝ ﻗﺒﻞ ﻋﺸﺮﻳﻦ ﺳﻨﺔ ﻣﻦ ﻭﻗﻮﻋﻬﺎ.

    ﻟﻀﻴﺎﻉ ﺍلإﺳـلاﻡ.

    ﻓﻴﺌﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻘﺒﺮ ﺍﻟﻤﻠﻲﺀ ﺑﺎلأﻣﻮﺍﺕ ﻣﻊ ﺷﺎﻫﺪﻩ.

    ﻭﻏﺪﺍ ﺃﻧﻄﻠﻖُ ﻣﺴﺮﻋﺎ ﺇﻟﻰ ﺳﺎﺣﺔ ﻋﻘﺒﺎﻱ

    ﻭﺃﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﻳﻘﻴﻦٍ: ﺃﻥ ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ ﺁﺳﻴﺎ ﺑﺄﺭﺿﻬﺎ ﻭﺳﻤﺎﺋﻬﺎ

    ﻳﺴﺘﺴﻠﻢ ﻟﻴﺪ ﺍلإﺳـلاﻡ ﺍﻟﺒﻴﻀﺎﺀ

    ﺇﺫ ﻳﻤﻴﻨﻪ ﻳﻤﻦ ﺍلإﻳﻤﺎﻥ

    ﻳﻤﻨﺢ ﺍﻟﻄﻤﺄﻧﻴﻨﺔ ﻭﺍلأﻣﺎﻥ ﻟـلأﻧﺎﻡ.

ﺑﺴﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ

 ﺍﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ ﺭﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ

 ﻭﺍﻟﺼـلاﺓ ﻭﺍﻟﺴـلاﻡ ﻋﻠﻰ ﺳﻴﺪ ﺍﻟﻤﺮﺳﻠﻴﻦ، ﻭﻋﻠﻰ ﺁﻟﻪ ﻭﺻﺤﺒﻪ ﺃﺟﻤﻌﻴﻦ.


     ﺑﺮﻫﺎﻧﺎﻥ ﻋﻈﻴﻤﺎﻥ ﻟﻠﺘﻮﺣﻴﺪ

ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﺑﺬﺍﺗﻪ ﺑﺮﻫﺎﻥ ﻋﻈﻴﻢ.

ﺇﺫ ﻟﺴﺎﻥ ﺍﻟﻐﻴﺐ ﻭﻟﺴﺎﻥ ﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺓ ﻳﺴﺒّﺤﺎﻥ ﺑﺎﻟﺘﻮﺣﻴﺪ، ﺗﻮﺣﻴﺪ ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ. ﻭﻳﺬﻛُﺮﺍﻥ ﺑﺼﻮﺕ ﻫﺎﺋﻞ: «لا ﺇﻟﻪ ﺇلا ﻫﻮ».

ﻓﻜﻞ ﺫﺭﺍﺕ ﺍﻟﻜﻮﻥ، ﻭﺣﺠﻴﺮﺍﺗﻪ، ﻭﺃﺭﻛﺎﻧﻪ، ﻭﺃﻋﻀﺎﺋﻪ؛ ﻟﺴﺎﻥ ﺫﺍﻛﺮ ﻳﻠﻬﺞ ﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺼﻮﺕ ﺍﻟﺪﺍﻭﻱ ﺑـ: «لا ﺇﻟﻪ ﺇلا ﻫﻮ».

ﻓﻲ ﺗﻠﻚ ﺍلأﻟﺴﻨﺔ ﺗﻨﻮّﻉ، ﻭﻓﻲ ﺗﻠﻚ ﺍلأﺻﻮﺍﺕ ﻣﺮﺍﺗﺐ، ﺇلا ﺃﻧﻬﺎ ﺗﻨﻄﻠﻖ ﻣﻌﺎ ﺑـ: «لا ﺇﻟﻪ ﺇلا ﻫﻮ».

ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﺇﻧﺴﺎﻥ ﺃﻛﺒﺮ.. ﻳﺬﻛﺮ ﺭﺑَّﻪ ﺑﺼﻮﺕ ﻋﺎﻝٍ، ﻭﺍلأﺻﻮﺍﺕ ﺍﻟﺮﻗﻴﻘﺔ لأﺟﺰﺍﺋﻪ ﻭﺫﺭﺍﺗﻪ ﻛﻠﻬﺎ ﺗﺪﻭﻱ ﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺼﻮﺕ ﺍﻟﻬﺎﺩﺭ: «لا ﺇﻟﻪ ﺇلا ﻫﻮ».

ﻧﻌﻢ، ﺇﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻳﺘﻠﻮ ﺁﻳﺎﺕ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻓﻲ ﺣﻠﻘﺔ ﺫﻛﺮ ﻋﻈﻴﻤﺔ. ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻤﺸﺮﻕ ﺍﻟﻤﻨﻮﺭ ﻳﺘﺮﻧﻢ ﻣﻊ ﺫﻭﻱ ﺍلأﺭﻭﺍﺡ ﻛﻠﻬﺎ ﺑـ: «لا ﺇﻟﻪ ﺇلا ﻫﻮ».

ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﺮﻗﺎﻥ ﺍﻟﺤﻜﻴﻢ، ﺑﺮﻫﺎﻥ ﻧﺎﻃﻖ ﻟﺬﻟﻚ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ. ﺁﻳﺎﺗُﻪ ﻛﻠﻬﺎ ﺃﻟﺴﻨﺔ ﺻﺎﺩﻗﺔ.. ﻭﺃﺷﻌﺔ ﺳﺎﻃﻌﺔ ﺑﺎلإﻳﻤﺎﻥ.. ﻓﺎﻟﺠﻤﻴﻊ ﻳﺬﻛﺮ ﻣﻌﺎ: «لا ﺇﻟﻪ ﺇلا ﻫﻮ».

ﻓﺈﺫﺍ ﻣﺎ ﺃﻟﺼﻘﺖَ ﺍلأﺫﻥ ﺑﺼﺪﺭ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﺮﻗﺎﻥ، ﺳﺘﺴﻤﻊ ﻣﻦ ﺃﻋﻤﻖ ﺍلأﻋﻤﺎﻕ ﺻﺪﻯً ﺳﻤﺎﻭﻳﺎ ﺻﺮﻳﺤﺎ ﻳﻨﺒﻌﺚ: «لا ﺇﻟﻪ ﺇلا ﻫﻮ».

ﻓﺬﻟﻚ ﺍﻟﺼﻮﺕ ﺍﻟﻠﻄﻴﻒ، ﺻﻮﺕ ﺭﻓﻴﻊ ﻋﺎﻝٍ، ﻓﻲ ﻣﻨﺘﻬﻰ ﺍﻟﺠﺪﻳﺔ ﻭﻏﺎﻳﺔ ﺍلإﻳﻨﺎﺱ، ﻭﻧﻬﺎﻳﺔ ﺍﻟﺼﺪﻕ ﻭﺍلإﺧـلاﺹ. ﻭﻣﺪﻋﻢ ﺑﺎﻟﺒﺮﻫﺎﻥ ﺍﻟﻘﺎﻃﻊ ﺍﻟﻤﻘﻨﻊ.. ﻳﻘﻮﻝ ﻣﻜﺮﺭﺍ: «لا ﺇﻟﻪ ﺇلا ﻫﻮ».

ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﺮﻫﺎﻥ ﺍﻟﻤﻨﻮﺭ، ﺟﻬﺎﺗُﻪ ﺍﻟﺴﺖ ﺷﻔﺎﻓﺔ ﺭﺍﺋﻘﺔ ﺇﺫ:

ﻋﻠﻴﻪ ﻧﻘﺶ ﺍلإﻋﺠﺎﺯ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ.

ﻭﺑﺪﺍﺧﻠﻪ ﻳﻠﻤﻊ ﻧﻮﺭ ﺍﻟﻬﺪﺍﻳﺔ، ﻭﻳﻘﻮﻝ: «لا ﺇﻟﻪ ﺇلا ﻫﻮ».

ﺗﺤﺘﻪ ﻧﺴﻴﺞ ﺍﻟﺒﺮﻫﺎﻥ ﻭﺍﻟﻤﻨﻄﻖ… ﻓﻲ ﻳﻤﻴﻨﻪ ﺍﺳﺘﻨﻄﺎﻕ ﺍﻟﻌﻘﻞ، ﻭﻳﺼﺪّﻗﻪ ﺑـ: «لا ﺇﻟﻪ ﺇلا ﻫﻮ».

ﻭﻓﻲ ﺷﻤﺎﻟﻪ -ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﻳﻤﻴﻦ- ﺍﺳﺘﺸﻬﺎﺩ ﺍﻟﻮﺟﺪﺍﻥ… ﺃﻣﺎﻣﻪ ﺍﻟﺤﺴﻦ ﻭﺍﻟﺨﻴﺮ… ﻭﻫﺪﻓﻪ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ… ﻣﻔﺘﺎﺣﻪ ﺩﺍﺋﻤﺎ: «لا ﺇﻟﻪ ﺇلا ﻫﻮ».

ﻭﻣﻦ ﻭﺭﺍﺋﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﺃﻣﺎﻡ. ﺃﻱ ﺍﺳﺘﻨﺎﺩﻩ؛ ﺳﻤﺎﻭﻱ ﻭﻫﻮ: ﺍﻟﻮﺣﻲ ﺍﻟﻤﺤﺾ. ﻓﻬﺬﻩ ﺍﻟﺠﻬﺎﺕ ﺍﻟﺴﺖ ﻣﻨﻴﺮﺓ ﻣﻀﻴﺌﺔ، ﻳﺘﺠﻠﻰ ﻓﻲ ﺑﺮﻭﺟﻬﺎ: «لا ﺇﻟﻪ ﺇلا ﻫﻮ».

ﻓﺄﻧّﻰ ﻟﻠﻮﻫﻢ ﺃﻥ ﻳﺴﺘﺮﻕ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﺴﻤﻊ، ﻭﺃﻧّﻰ ﻟﻠﺸﺒﻬﺔ ﺃﻥ ﺗﻄﺮﻕ ﺑﺎﺑﻬﺎ.

ﺃﻓﻴﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﺪﺧﻞ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻤﺎﺭﻕ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺼﺮﺡ ﺍﻟﺒﺎﺭﻕ ﺍﻟﺸﺎﺭﻕ!!

ﻓﺄﺳﻮﺍﺭ ﺳﻮﺭﻩ ﺷﺎﻫﻘﺔ، ﻭﻛﻞ ﻛﻠﻤﺔ ﻣﻨﻪ ﻣَﻠَﻚ ﻧﺎﻃﻖ ﺑـ: «لا ﺇﻟﻪ ﺇلا ﻫﻮ».

ﻓﺬﻟﻚ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﺑﺤﺮ ﻧﺎﻃﻖ ﻟﻠﺘﻮﺣﻴﺪ.

ﻟﻨﺄﺧﺬ ﻗﻄﺮﺓ ﻣﻨﻪ ﻣﺜﺎلا؛ «ﺳﻮﺭﺓ ﺍلإﺧـلاﺹ». ﻧﺘﻨﺎﻭﻟﻬﺎ ﺭﻣﺰﺍ ﻗﺼﻴﺮﺍ ﻣﻤﺎ لا ﻳﻌﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﻣﻮﺯ.

ﺇﻧﻬﺎ ﺗﺮﺩّ ﺍﻟﺸﺮﻙ ﺑﺠﻤﻴﻊ ﺃﻧﻮﺍﻋﻪ ﺭﺩّﺍ ﻗﺎﻃﻌﺎ. ﻭﺗﺜﺒﺖ ﺳﺒﻌﺔ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﻓﻲ ﺟﻤﻠﻬﺎ ﺍﻟﺴﺖ: ﺛـلاﺙ ﺟﻤﻞٍ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺜﺒﺘﺔ ﻭﺛـلاﺙ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﻨﻔﻴﺔ.

ﺍﻟﺠﻤﻠﺔ ﺍلأﻭﻟﻰ: ﴿قُلْ هُوَ﴾: ﺇﺷﺎﺭﺓ ﺑـلا ﻗﺮﻳﻨﺔ، ﺃﻱ ﻫﻮ ﺗﻌﻴﻴﻦ ﺑﺎلإﻃـلاﻕ، ﻓﻔﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺘﻌﻴﻴﻦ ﺗﻌﻴّﻦ. ﺃﻱ لا ﻫﻮ ﺇلا ﻫﻮ.

ﻭﻫﺬﺍ ﺇﺷﺎﺭﺓ ﺇﻟﻰ ﺗﻮﺣﻴﺪ ﺍﻟﺸﻬﻮﺩ. ﻓﻠﻮ ﺍﺳﺘﻐﺮﻗﺖ ﺍﻟﺒﺼﻴﺮﺓُ ﺍﻟﻨﺎﻓﺬﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﻖ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ، ﻟﻘﺎﻟﺖ: «لا ﻣﺸﻬﻮﺩ ﺇلا ﻫﻮ».

ﺍﻟﺠﻤﻠﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ: ﴿اللَّهُ أَحَدٌ﴾ ﺗﺼﺮﻳﺢ ﺑﺘﻮﺣﻴﺪ ﺍلأﻟﻮﻫﻴﺔ، ﺇﺫ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺗﻘﻮﻝ ﺑﻠﺴﺎﻥ ﺍﻟﺤﻖ: «لا ﻣﻌﺒﻮﺩ ﺇلا ﻫﻮ».

ﺍﻟﺠﻤﻠﺔ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ: ﴿اللَّهُ الصَّمَدُ﴾ ﺻﺪﻑ ﻟﺪﺭّﻳﻦ ﻣﻦ ﺩﺭﺭ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ.

ﺍلأﻭﻝ: ﺗﻮﺣﻴﺪ ﺍﻟﺮﺑﻮﺑﻴﺔ: ﻓﻠﺴﺎﻥ ﻧﻈﺎﻡ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﻳﻘﻮﻝ: «لا ﺧﺎﻟﻖ ﺇلا ﻫﻮ».

ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ: ﺗﻮﺣﻴﺪ ﺍﻟﻘﻴﻮﻣﻴﺔ: ﺃﻱ ﺇﻥ ﻟﺴﺎﻥ ﺍﻟﺤﺎﺟﺔ ﺇﻟﻰ ﻣﺆﺛﺮ ﺣﻘﻴﻘﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﻛﻠﻪ ﻳﻘﻮﻝ: «لا ﻗﻴﻮﻡ ﺇلا ﻫﻮ».

ﺍﻟﺠﻤﻠﺔ ﺍﻟﺮﺍﺑﻌﺔ: ﴿لَمْ يَلِدْ﴾ ﻳﺴﺘﺘﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﺗﻮﺣﻴﺪ ﺍﻟﺠـلاﻝ، ﻭﻳﺮﺩّ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﺸﺮﻙ، ﻭﻳﻘﻄﻊ ﺩﺍﺑﺮ ﺍﻟﻜﻔﺮ: لأﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﻐﻴﺮ ﻭﻳﺘﻨﺎﺳﻞ ﻭﻳﺘﺠﺰﺃ لاﺷﻚ ﺃﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﺑﺨﺎﻟﻖ ﻭلا ﻗﻴﻮﻡ ﻭلا ﺇﻟﻪ.

ﻭ﴿لَمْ يَلِدْ﴾: ﻳﺮﺩّ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﺒﻨﻮﺓ ﻭﺍﻟﺘﻮﻟﺪ، ﺇﺫ ﻳﻘﻄﻊ ﻗﻄﻌﺎ ﺷﺮﻙَ ﺑﻨﻮﺓ ﻋﻴﺴﻰ ﻭﻋﺰﻳﺮ «ﻋﻠﻴﻬﻤﺎ ﺍﻟﺴـلاﻡ» ﻭﺍﻟﻤـلاﺋﻜﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﻌﻘﻮﻝ. ﻓﻠﻘﺪ ﺿﻞ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ، ﻭﻫﻮﻭﺍ ﻓﻲ ﻏﻴﺎﻫﺐ ﺍﻟﻀـلاﻝ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﺮﻙ.

ﺧﺎﻣﺴﺘﻬﺎ: ﴿وَلَمْ يُولَدْ﴾ ﺗﻮﺣﻴﺪ ﺳﺮﻣﺪﻱ ﻳﺸﻴﺮ ﺇﻟﻰ ﺇﺛﺒﺎﺕ ﺍلأﺣﺪﻳﺔ. ﻓﻤﻦ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻭﺍﺟﺒﺎ ﻗﺪﻳﻤﺎ ﺃﺯﻟﻴﺎ لا ﻳﻜﻮﻥ ﺇﻟﻬﺎ، ﺃﻱ ﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺣﺎﺩﺛﺎ ﺯﻣﺎﻧﻴﺎ، ﺃﻭ ﻣﺘﻮﻟﺪﺍ ﻣﺎﺩﺓً، ﺃﻭ ﻣﻨﻔﺼـلا ﻋﻦ ﺃﺻﻞ، لا ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺇﻟﻬﺎ ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﻜﻮﻥ. ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺠﻤﻠﺔ ﺗﺮﺩّ ﺷﺮﻙ ﻋﺒﺎﺩﺓ ﺍلأﺳﺒﺎﺏ، ﻭﻋﺒﺎﺩﺓ ﺍﻟﻨﺠﻮﻡ، ﻭﻋﺒﺎﺩﺓ ﺍلأﺻﻨﺎﻡ، ﻭﻋﺒﺎﺩﺓ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ.

ﺳﺎﺩﺳﺘﻬﺎ: ﴿وَلَمْ يَكُنْ﴾ ﺗﻮﺣﻴﺪ ﺟﺎﻣﻊ، ﺃﻱ لا ﻧﻈﻴﺮ ﻟﻪ ﻓﻲ ﺫﺍﺗﻪ، ﻭلا ﺷﺮﻳﻚ ﻟﻪ ﻓﻲ ﺃﻓﻌﺎﻟﻪ. ﻭلا ﺷﺒﻴﻪ ﻟﻪ ﻓﻲ ﺻﻔﺎﺗﻪ. ﻛﻞ ﺫﻟﻚ ﻣﻨﺪﻣﺞ ﻣﻌﺎ ﻳﻮﺟﻪ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﺇﻟﻰ «ﻟﻢ».

ﻓﻬﺬﻩ ﺍﻟﺠﻤﻞ ﺍﻟﺴﺖ ﻣﺘﻀﻤﻨﺔ ﺳﺒﻊ ﻣﺮﺍﺗﺐ ﻣﻦ ﻣﺮﺍﺗﺐ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ، ﻛﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟـلأﺧﺮﻯ، ﻭﺑﺮﻫﺎﻥ ﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ. ﺃﻱ ﺇﻥ «ﺳﻮﺭﺓ ﺍلإﺧـلاﺹ» ﺗﺸﺘﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺛـلاﺛﻴﻦ ﺳﻮﺭﺓ ﻣﻦ ﺳﻮﺭ ﺍلإﺧـلاﺹ ﺳﻮﺭٍ ﻣﻨﺘﻈﻤﺔ ﻣﺮﻛﺒﺔ ﻣﻦ ﺩلاﺋﻞ ﻳﺜﺒﺖ ﺑﻌﻀﻬﺎ ﺑﻌﻀﺎ. لا ﻳﻌﻠﻢ ﺍﻟﻐﻴﺐ ﺇلا ﺍﻟﻠﻪ.