فيعصم [1] الأفكار [2] عن غي الخطا وعن دقيق الفهم يكشف الغطا

فهاك [3] من أصـوله قواعدا تجمع من فنـونـه فوائدا

[1] أي إنْ راعى، وما دام لم تستخلف الطبيعة الصنعة. يشير إلى العلة الغائية ورسمه، وإلى جهة الحاجة وآليته.([1])

[2] الفكر هو الكشاف لترتب العلل المتسلسلة في الخلقة للتقليد، فيحلل فيعلم، فيركب فيصنع. أي بتخريج السلسلة المتناتجة وتلقيحها.([2])

[3] (فهاك) جزاء لما دلت عليه الفاء الجزائية. الجزاء هو الوجوب اللازم للأمر عرفًا بإقامة الملزوم مقام اللازم. وإلا فالأمر إنشاء لا يلزم.([3])


[1] (أي إن راعى) أي إن بنى صاحبُ الدليل ترتيبَه على ما أَمَر به المنطق.

    (ولم تستخلف الخ) أي ولم يكن تصنيعه للدليل تابعًا لطبيعته وسليقته في الصحة والاستقامة. أي حاصلا منها بحيث إن لم يكن صاحب الدليل مراعيًا للقواعد أيضًا لم ينحرف دليله عن الصحة والاستقامة. وإن كانت سلامة دليله ناشئة عن سليقته لاعن القواعد لا يعد من المنطقيين.

[2] (الفكر هو الكشاف) حاصله: أن الولد كما أنه نتيجةُ عللٍ مترتبة في الخلقة كالجد والأب ولابد لوجوده من تلك العلل، كذلك المعرّف نتيجة عللٍ مترتبة كالجنس البعيد والقريب والفصل لابد لمعرفته من وجود هذه العلل وترتيبها.

    فالفكر مقلد الخلقة يحلل سلاسل العلل ويأخذ منها ما يناسب مطلوبه فيركّب ويصنع ما يصنع.

    (أي بتخريج السلسلة) أي بتحصيل المبادئ المناسبة للمطلوب وإدخال بعضها في بعض. كإدخال الحد الأصغر تحت الحد الأوسط وإدخاله تحت الحد الأكبر.

[3] (جزاء لما دل) تقديره: إذا كان المنطق عاصمًا فهاك، أي خذ من قواعده الخ…

    (الجزاء هو الوجوب عرفًا) إشارة إلى ما يردّ ما يَرِدُه وجهُ الورود أن «هاك» أمر، والأمر ليس بخبر، والجزاء لابد أن يكون خبرًا حتى يكون ويصلح جزاءً للشرط. والأمر لكونه إنشاء لا يكون باقيا فكيف يكون لازمًا.

    وجه الرد أن الأمر مستلزم عرفًا للوجوب. فالأمر ملزوم والوجوب لازم. وقد أقيم الملزوم مقام اللازم.

    (تقديره إذا كان المنطق عاصما وجب الأخذ من قواعده) أي لزم لزومًا عرفيًا كما يقال بين الناس: ينبغي أن تفعل كذا أو لا ينبغي.