421

بتحريض بعض الأشقياء، لكنه لم يكن يقابل ما يلقى من الجفاء والأذى إلا بالصبر والتحمل متمثلًا هديَ أولي العزم، فلم يغضب من فَعْلة هؤلاء الصبيان وهو مَنْ هو في صفاء الصدر وسلامة القلب، بل دعا لهم وقال: «لقد كان هؤلاء سببًا في كشف نكتةٍ مهمةٍ لآيةٍ من سورة يس»!! ثم آلَ أمر هؤلاء الصبيان إلى حالةٍ تثير العجب ببركة دعائه لهم، فكانوا متى رأوه من بعيدٍ أو من قريبٍ سارعوا إليه فقبَّلوا يدَه المباركة ونالوا دعواته.

وما أكثر ما لأستاذنا من أحوالٍ عجيبةٍ وشؤونٍ غريبةٍ تثير الحيرة، وفي مقدمتها رسائل النور!!

أجل، إننا نعترف بأنه يقرأ خاطرات قلوبنا أكثر منا، وكثيرًا ما نبَّهَنا إلى أمرٍ لم يكن في حسباننا، فنظل في حيرةٍ من ذلك، وما هو إلا زمنٌ يسير حتى نواجه ما نبَّهَنا إليه بعينه، فَنَتَنَبَّه.

وعندما كنا نذهب بصحبته إلى الجبل، كان في بعض الأحيان ينهض من مكانه فجأةً، ويطلب منا أن نتأهب للعودة إلى المدينة قبل أن يحين الوقت، فإذا سألناه عن السبب أجاب: «إنهم ينتظروننا لأمرٍ في خدمة رسائل النور، فلنذهب بسرعة»!! والحق أننا عند عودتنا إلى المدينة كنا نجد أحد تلاميذ النور المُهمِّين في انتظارنا، أو يخبرنا الجيران بأن أحدهم قد تردد إلى البيت مرارًا ثم مضى.

وذات يومٍ أرسلت إليه سيدة مباركة هي السيدة «آسية» من ذرية «العاشق الصغير» تلميذِ «مولانا خالد» [هو أبو البهاء ضياء الدين خالد بن أحمد بن الحسين الشَّهْرَزُوْرِيّ، يُعرَف بمولانا خالد البغدادي، ولد بالسليمانية بالعراق عام 1193 هـ، مجدِّدٌ فاق علماء عصره في العلم والتقوى، أخذ الطريقة النقشبندية عن الشيخ عبد الله الدهلوي وكان من كبار أئمتها، توفي بدمشق عام 1242 هـ ودُفِن بها؛ هـ ت] جبةً لمولانا خالد كانت تحتفظ بها سنينَ طويلة، أرسلتها إليه مع «فيضي» لتظلَّ عنده مدة شهر رمضان المبارك على سبيل التبرك، فما