422

إن وصلت الجبة لأستاذنا حتى أخذ يحمد الله ويشكره، وطلب من أخينا «أمين» أن يغسلها، فتعجب «فيضي» من ذلك وقال في نفسه:

لقد أرسلَتْ هذه السيدة الجبةَ معي لتظل عند الأستاذ عشرين يومًا، فلماذا يتصرف بها كأنها مِلكٌ له؟!

ثم لقي «فيضي» تلك السيدة بعد حين، فأخبرتْه بما أزال حيرتَه قائلةً: «إنما قلتُ لك بشأن الجبة ما قلتُ لعلمي أن الأستاذ -فِداه أرواحنا- لا يقبل الهدية، فرجوتُ أن يقبلها بهذه الصورة، وإلا فإنما هي أمانةٌ له».

نعم، يُقال: إنما قَبِل أستاذنا المبارك الجبة لأنه عدَّها علامةً على انتقال وظيفة التجديد إليه بعد «مولانا خالد»؛ وينبغي أن يكون الأمر كذلك حقًا، فقد ورد في الحديث الصحيح: «إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كلِّ مئةِ سنةٍ مَن يُجدِّد لها دينها»، [أخرجه أبو داود في سننه برقم4293؛ هـ ت] فولادة «مولانا خالد» كانت في سنة ألفٍ ومئةٍ وثلاث وتسعين، أما ولادة أستاذنا فكانت سنةَ ألفٍ ومئتين وثلاث وتسعين؛ وفي «الرسالة الغوثية» إيضاحٌ تامٌ لهذا الحديث.

وكان الأستاذ يُخبرنا أحيانًا بصورةِ ملاطَفةٍ قائلًا: ستُعاقَبون.. ستنزل بكم مصيبة.. ستدخلون السجن..، وكان بذلك يكاشفنا بحادثةٍ مهمةٍ قبل أن تقع، وينبِّهنا ويخبرنا رمزًا عن سَجننا في «دَنِزْلي»، وفعلًا لم يمضِ وقت طويلٌ حتى تحقق ما قاله.

وقال أيضًا قبل أن تقع حادثة سجن «دَنِزْلي»: «إخواني.. إنني منذ مدةٍ بعيدةٍ لم أمكث في مكانٍ ما أكثر من ثماني سنوات، ولقد مضى على مجيئي إلى هنا ثماني سنوات، فأنا في هذه السنة إما متوفى وإما منتقلٌ إلى مكانٍ آخر لا محالة»، فأخبر بذلك عن مغادرته «قسطمونو».