926

فدوَّنتُها، ووقعتْ على عاتقي بشكلٍ أو بآخر وظيفةُ ترجمتها والتعبير عنها.. أنا أحد طلاب رسائل النور.. ولقد قرأتُ إحدى الرسائل مئة مرة، وما أزال أشعر بالحاجة إليها من جديد.. فأنا زميلكم في الدرس والتلقي.

إن خدمة القرآن والإيمان والإسلام التي نهض بها بديع الزمان ليست عملًا محليًّا محدودًا، بل هي خدمةٌ تعمُّ أرجاء المعمورة، وتحظى بتوفيقٍ ونجاحٍ باهرَين، وما سرُّ هذا النجاحِ والتوفيقِ وقوةِ التأثير التي تتمتع بها رسائل النور إلا الإخلاصُ التام لدى بديع الزمان، إذْ لم يكن له من أساسٍ يَعتمد عليه ولا مقصِدٍ يرنو إليه سوى مرضاة الله تعالى، وله بهذا الصدد كلامٌ يقول فيه: «إن أساس مسلكنا الإخلاص الأعظميُّ وترك الأنانية، فدِرهمُ عملٍ خالصٍ خيرٌ من قنطارِ عملٍ غير خالص.. إنني أفرُّ أشدَّ الفرار من الشهرة ومن هدايا الناس المادية والمعنوية، ومن إقبال العامة وتوقيرهم»؛ ولا شك أن هذا هو أحد أسباب امتناعه عن استقبال الزوار، وليس أدلَّ على منزلة الإخلاص لديه من أنه خصَّ «رسالة الإخلاص» من بين رسائله المئة والثلاثين بعبارةٍ صدَّرَها بها قائلًا: «تُقرأُ هذه الرسالة مرةً على الأقل كلَّ خمسةَ عشر يومًا»، ويقول في كتابه «الدفاع الكبير»: «إن غايتنا مرضاةُ الله عز وجل، وإن رسائل النور لا تُتَّخَذُ أداةً لشيءٍ من الدنيا، بل ولا للكون بأجمعه».

فذلكم هو سرُّ الإخلاص الذي لَمسَهُ أحدَ العلماء الأجلَّاء المحققين ممن يُعنَون بقراءة مؤلفاتِ كبار الأئمة الحكماء الأعلام كالإمام الغزالي وغيره.. فجعله يقول: إن الفائدة التي أُحصِّلها بقراءة صفحةٍ من رسائل النور، َتفوقُ ما أُحصِّله من عشرِ صفحاتٍ من غيرها من المؤلفات.

ويقول أحد مدرِّسي الفلسفة: لقد عُنيتُ بالمؤلفات العلمية والآثار الفلسفية سنين طويلة، فلم أجد مؤلَّفًا يُقنعني، ويداوي جروحي التي سببتْها الفلسفة والمؤلَّفات الغربية، ويُلبِّي احتياجاتي في هذا الزمان: كرسائل النور.