28
يستخدمها الأستاذ في مضمار إثباته لدعوته السامية الشاملة للعالَم إلا علومٌ طبيعيةٌ تعلِن وتثبِت باطِّرادٍ يومًا بعد يوم أن القرآن الكريم كلام الله.
بل إنه ما دامت الفلسفة صادرةً في أصل معناها عن الحكمة، فإن كلَّ كتابٍ يجتهد في إثبات ذات الباري واجبِ الوجود تعالى وتقدَّس، وإثباتِ صفاتِه اللائقة، يغدو حكمةً عظمى، ويغدو مؤلِّفُه حكيمًا عظيمًا.
وبسلوك الأستاذ هذا الطريق العلمي، طريقَ القرآن الكريم النورانيَّ، نال شرفَ إنقاذِ إيمان الآلاف المؤلَّفة من طلبةِ الجامعات، وقد حاز بهذا الخصوص الكثيرَ من المزايا الأدبية والفلسفية فضلًا عن مزاياه العلمية؛ وكُلِّي أملٌ أن أعرِضَ أمثلة ذلك وأُورِدَها من مؤلفاته في كتابٍ مستقلٍّ إن شاء الله، ومن الله التوفيق.

 تصـوُّفُـه:

سألتُ مرةً عالمًا جليلًا من مشايخ الطريقة النقشبندية يجتهد في اتباع الرسول (ص) في جميع شؤونه: سيدي.. ما سبب توتر العلاقات بين الصوفية والعلماء؟
فأجاب: لقد وَرِث العلماء عن الرسول (ص) عِلمَه، وورِثَ الصوفية عَمَلَه؛ ولهذا يُطلَق على من كان وارثًا لعِلمِه وعَمَلِه معًا: «ذو الجناحين».
وبناءً على هذا فالمقصد من الطريقة الأخذُ بالعزائم لا بالرُّخَص، مع التخلق بأخلاق المصطفى (ص)، والتزكية من الأمراض المعنوية، والفناء في رضى الله تعالى.
فمن فاز بهذه الدرجة العُلوية كان من أهل الحقيقة بلا شك، بمعنى أنه بلغ الغاية المقصودة والمطلوبة من الطريقة؛ إلا أنه لما كان الفوز بهذه المرتبة الرفيعة غيرَ متيسِّرٍ لكل أحد، وضع أولئك الأكابرُ قواعد معيَّنة لِيُمكن بلوغُ الهدف المطلوب بيُسر.
والخلاصة أن دائرةَ الطريقة واقعةٌ في ضمن دائرة الشريعة، فمن يخرج من دائرة الطريقة يقع في دائرة الشريعة، أما الخارجُ من دائرة الشريعة فيهوي في الخسران الأبدي والعياذ بالله.