742

باسمه سبحانه

إخواني الأعزاء الأوفياء..

انتابني اليوم قلقٌ وحزنٌ لأجلكم بسبب إخطارٍ معنوي، لقد آلمني وأحزنني حقًّا أمرُ إخواني الذين يريدون الخروج من السجن سريعًا ويُقلقهم هَمُّ المعيشة، إلا أنه في نفس اللحظة وَرَدَتْ إلى القلب خاطرةٌ مباركةٌ معها حقيقةٌ وبشارة، وهي أنه ستَحُلُّ بعد خمسة أيامٍ الشهورُ الثلاثةُ المباركةُ الفضيلةُ بعباداتها ذات الأجر الجزيل.

فإذا كانت الحسنة بعشر أمثالها في سائر الأوقات، فإنها في رجب الشريف أكثر من مئة، وفي شعبان المعظَّم أزيَدُ من ثلاثمئة، وفي رمضان المبارك تبلغ الألف، وفي ليالي الجمعة تبلغ الآلاف، وتبلغ في ليلة القدر ثلاثين ألفًا؛ أجل، فهذه الشهور الثلاثة سوقٌ قدسيةٌ للتجارة الأخروية تحقق منافع أخرويةً جَمَّة، وموسِمٌ ممتازٌ لأهل الحقيقة والعبادة، وزمانٌ يحقِّق لأهل الإيمان في ثلاثةِ شهورٍ عمرًا قدره ثمانون سنة؛ فكيف إذا أمضى المرء هذه الشهور الثلاثة في المدرسة اليوسفية التي تُضاعِف المكاسب عشرة أضعاف؟! لا ريب أنه ربحٌ جِدُّ عظيم؛ فمهما قاسى المرء في ذلك من المشقة، كانت تلك المشقة عين الرحمة.

وكما أن الأمر على ما ذكرنا من جهة العبادة، فإنه كذلك من جهة خدمة النور، إذْ تتضاعف إلى خمسة أضعافٍ باعتبار الكيف لا الكم، ذلك أن القادمين والمغادرين الذين لا يخلو منهم هذا النُّزُل يصبحون وسيلةً لانتشار دروس النور، وقد يثمر إخلاصُ شخصٍ واحدٍ نفعًا يَعدِل نفعَ عشرين شخصًا؛ ثم إنه لا أهمية لمشقَّةٍ جزئيةٍ تقع في سبيل انتشار سر إخلاص النور بين السجناء المساكين المحتاجين إلى سُلواناتِ النور أشدَّ الحاجة، لا سيما الذين لهم بطولةٌ وهمةٌ شابتْها شوائب السياسة.