664

أصحابي بهذا أشدَّ التوصية، حتى لقد اعترف بعض مسؤولي الأمن المنصفين في ثلاث ولايات قائلين: «إن تلاميذ النور رجالُ أمنٍ معنويون، يحفظون الأمن والاستقرار».

وهذه الحقيقة يشهد لها آلاف الشهود، وتصدِّقها عشرون سنةً من حياة هذا الرجل، كما يصدِّقها ويؤيدها عدمُ تسجيل أيَّةِ حادثةِ إخلالٍ بالأمن من قِبَل آلاف التلاميذ.

فأيُّ قانونٍ في الدنيا يسمح -بعد كلِّ ما سبق- أن يَقتحم أولئك الظَّلَمة منزلَ هذا الرجل المسكين كما لو أنه رجلُ ثورةٍ وصاحبُ تنظيمٍ مخرِّب، وأن يهينوه ويعاملوه كمجرمٍ ارتكب مئة جريمة، رغم أنهم لم يعثروا في منزله على شيء، وأن يصادروا المصحف واللوحتين المعلَّقتَين عند رأسه كما لو أنها منشوراتٌ خطيرة؟!

سادسُها: إن رجلًا وعى قبل ثلاثين سنةً فداحةَ الضررِ الذي تنطوي عليه شُهرةُ الدنيا المؤقتةُ، وجاهُها الزائل، والعُجْبُ وحُبُّ الظهور المُشْبَعان بالأنانية، ووعى مبلغَ تفاهةِ ذلك كلِّه وعدمَ جدواه؛ أجل، وعى ذلك بعنايةِ الله وفيض القرآن ولله الحمد بلا حد، فَأخذَ منذ ذلك الحين في مجاهدة نفسِه الأمارة بكلِّ ما أوتي من قوة، واجتهد ما بوسعه لاجتناب التصنع والرياء، وكسْرِ الأنانية بالفناء عن الذات، وهو الأمر الذي يعرفه ويَشهَد له به قطعًا كلُّ مَن لازَمَه أو صاحَبَه؛ وفرَّ منذ عشرين سنةً أشدَّ الفرار مما يُعجِب كلَّ إنسانٍ من حُسْنِ ظنِّ الناس وإقبالهم ومدحهم وثنائهم، كما فرَّ مِن عَدِّ نفسِه صاحبَ مقامٍ معنويٍّ خلافًا لما يفعلُه كلُّ إنسان؛ ورَدَّ حُسْنَ الظنِّ الذي أولاه إياه خُلَّصُ إخوانه وخواصُّهم، وكسَر بذلك خواطرَهم؛ كما ردَّ مدحَهم له وحُسْنَ ظنِّهم به في رسائله الجوابية إليهم؛ وجرَّد نفسَه من ادِّعاء الفضائل محيلًا إياها جميعًا على رسائلِ النور تفسيرِ القرآن، فأحالها بالتالي على الشخص المعنويِّ لتلاميذ النور، وعدَّ نفسَه مجرَّد خادمٍ بسيطٍ للنور.. نعم إن رجلًا هذه حالُه إنما يُثبِت قطعًا أنه لم يَحمل أحدًا على الإعجاب به، ولا سعى إلى ذلك ولا طلبه، بل ردَّه.