291

ستمئة سنة، وخدمَها خدمةً فعليَّةً تعدِل خدمةَ ألفِ تركيٍّ قوميٍّ بشهادةِ ألفٍ من أبنائها، واختار هذه الغربة لتفضيله ثلاثين أو أربعين شابًّا من شباب التُّرْك على ثلاثين ألفًا من أبناء بلده وقومه من تاركي الصلاة، وحافظَ على العزة العِلميَّة لمقامِ أهل العلم، ودرَّسَ الحقائقَ الإيمانيَّة بأوضح صورة؛ أفإنِ ارتبط به عشراتٌ أو مئاتٌ بل آلافٌ من تلاميذه -في غضون عشر سنين أو عشرين أو ثلاثين- بخالصِ رِباطِ الإيمان والحقيقة والآخرة، ارتباطَ تضحيةٍ وفداء، أو أصبحوا إخوانَ الآخرة، أيُستَكثَر هذا بحقِّه أو يُعَدُّ ضارًّا؟! أم يُجيز أحدٌ من أهل الضمير والإنصاف أن يكونوا محلَّ نقد؟! أم يمكن أنْ يُنظَر إليهم على أنهم تنظيمٌ سياسي؟!

رابعًا: كم بَعُدَ عن الإنصاف مَن وجَّهوا سؤالَ: «مِن أين تأخذ المال لتعيش وتؤسِّس المنظَّمات؟» لرجلٍ تدبَّر أمورَه طَوالَ عشرِ سنين بمئةِ ورقةٍ نقديَّة، وربما أنفق في اليوم أربعين بارةً فحسْب، ولَبِس عباءةً مرقَّعةً سبعين رقعةً على مدى سبع سنين!! يدري ذلك أهلُ الإنصاف.

المادَّة الثانية: أرادوا افتعال حادثةٍ مدبَّرةٍ على غِرار حادثة «مَنَمَنْ»، [حادثة «مَنَمَنْ»: حركةُ عصيانٍ دُبِّرتْ عام 1930م في ناحية «مَنَمَنْ» بولاية «إزمير»، جرى فيها توريطُ متدينين بسطاء في أعمالٍ تناهض النظام الحاكم، واتُّخِذَ ذلك ذريعةً للحد من النشاط الديني والتضييق على المتدينين في عموم البلاد؛ هـ ت] بإرهاب الناس وخداع الحكومة بخدعةِ تسهيلِ تطبيقِ القوانين التحرريَّة، فجاؤوا بي من «بارلا» إلى «إسبارطة» بالقوة، متذرعين بذريعةِ تسهيل تقبُّل القوانين التحرُّريَّة للحكومة، فلما تبيَّن لهم أنني لا يمكن أن أكون أداةً لمثل هذه الفتن، وليس لديَّ أيُّ ميلٍ لمثل هذه المشاريع العقيمة التي تُلحِق الضرر بالوطن والشعب والدين من جميعِ الجهات، غَيَّروا مخطَّطاتهم، ولجؤوا إلى مكائد لا تخطر بالبال ولا بالخيال، مستفيدين من شهرتي الزائفة التي لا تعجبني، فألبسوني حادثةً مُفْتَعَلةً على غِرار حادثةِ «مَنَمَنْ» المظلومة، وجاؤوا بي من «إسبارطة» إلى «أسكي شَهِر»، مُلحقين عظيمَ الأذى بالشعب والحكومة وكثيرٍ من