306

فيا سيد «شكري قايا»، [شكري قايا: أحد رجال حزب الشعب الجمهوري الذي أسسه مصطفى كمال، تولى عددًا من المناصب المهمة في حقبة تأسيس الجمهورية، منها منصب وزير الداخلية ما بين عامَي 1927م و1938م، اتبع خلالها سياسةً بالغة القسوة والصرامة تجاه شعائر الدين وأهله؛ هـ ت] لقد صرنا نحن أيضًا في حكم ذلك الطفل، فبينما كان مقتضى الأمر أن نراجع أولًا الواليَ الذي يمثِّل الحكومة محلِّيًّا، ثم عدالةَ المحكمة، ثم وزارةَ الداخلية، فنَعرِضَ عليهم مَظلمتَنا، ونُبيِّنَ الحَيفَ الذي لحِق بنا، كي نتخلص من الظَّلَمة، إذا بنا نرى وزير الداخلية -وهو آخر من يصغي لشكوانا- قد انساق خلف هواجسه وأوهامه الباطلة بشأننا، فأسبغ عليها لونًا من الحقيقة، وتغافَل عن أن إصرارَه على خطئه بغيةَ سَترِه خطأٌ أعظم، فراحَ يبغي الإيقاعَ بنا بذرائع باطلة، ويطلُب دمَنا دواءً لداء الغرور الذي ابتُلي به؛ ونحن بدورنا نشكو «شكري قايا» بصفته الشخصيَّة إلى السيد «شكري قايا» بصفتِه وزيرًا للداخليَّة. [والدليل على أن «شكري قايا» قد انساق بعيدًا وراء هواجس وأوهامٍ لا أصل لها، وبلغ منه الحقد مبلغَه، حضورُه بنفسه من أنقرة يرافقه مئةُ عنصرٍ من الدَّرَك، ونحوُ عشرين عنصرًا من الشرطة، وكأن قوة الدَّرَك وفرقة الجيش التي في «إسبارطة» لا تفي بالغرض؛ كلُّ هذا لأجل أن يقِّدموا إلى المحكمة رجلًا وحيدًا مثلي مع ثلاثةٍ أو أربعةٍ من رفاقي المساكين، بعد نشر أجواء الذعر والرهبة بين الناس.

      لقد ألحق هذا العمل خسارةً بأموال الشعب قدرُها ألفان أو ثلاثة آلاف ليرة، لأجل مهمَّةٍ كان يمكن أن يقوم بها عنصرٌ من الشرطة وآخرُ من الدَّرَك، وحُمِّلتْ نفقةُ النقل من «إسبارطة» إلى «أسكي شَهِر» البالغةُ خمسَ مئة ليرةٍ على كاهل أولئك الأبرياء المساكين الذين أخلي سبيلهم فيما بعد، فضلًا عن آلاف الأضرار التي لحقت بهم، وزعزعة مكانتهم الاجتماعيَّة، وجَعْلِها عرضةً للقدح!! فكم تكشف أمثالُ هذه التصرفات والإجراءات عن حجم الضرر الفادح الذي لحق بتسيير شؤون وزارة الداخلية، وتحقيق الأمن والاستقرار، ورعاية مصالح هذا الشعب المسكين المحتاج للعمل في أجواء من الثقة والراحة؟!

   بلى، يُستنتَج من هذه الوقائع اختلاقُ حادثةٍ من لا شيء، وتضخيمها لغرضٍ ما، وجعلُ الحَبَّة مئةَ قبَّة؛ ونحن ندَّعي أن القيام بأعمالٍ غير قانونيَّة باسم القانون، وافتعالَ أوضاعٍ تزعزع الاستقرار في كل جهةٍ، في وقتٍ تحتاج فيه الداخليَّة إلى تعزيز أقصى درجات الهدوء والاستقرار، إنما يُعَدُّ جُرمًا كبيرًا في نظر القانون، وعليه فإننا نشكو «شكري قايا» بصفته الشخصيَّة إلى السيد «شكري قايا» بصفتِه وزيرًا للداخلية؛ سعيد]