304

أطالب هيئة المحكمة بحقي، فكتبي التي صودرت مني لا تُقدَّر عندي بمال، وقد تَسلَّمتْ مكتبةُ أنقرة بعضها قبل اثنتي عشرة سنةً بشكرٍ وافتخار، ولها مكانةٌ أثيرةٌ في نفسي، لا سيما ما كان منها إيمانيًّا وأُخرويًّا صِرفًا، أعني «المكتوب التاسع عشر» و«الكلمة التاسعة والعشرين»، فهما ثروتي المعنويَّة وثمرةُ حياتي، ولهما قيمةٌ استثنائيَّة لأنهما أظهرا للعِيان جَلوةَ قسمٍ من أقسام إعجاز القرآن العشَرة، فضلًا عن أنني استكتبتُهما لنفسي خاصةً بزخرفةٍ مذهَّبةٍ؛ هذا بالإضافة إلى نسخةٍ واحدةٍ من ثلاثِ نسخٍ أو أربعٍ كنتُ استكْتبْتُها من «رسالة الشيوخ» التي تدور حول ذكرياتِ شيخوختي الحزينة.

فما دامت هذه الرسائل خاليةً من أيِّ موضوعٍ دنيويٍّ يستوجب مُساءلتي، فإنني أطالب من صميمِ قلبي بإعادتها إليَّ مع رسائلي العربية، فكتبي هذه هي أصدقائي ومؤنسي في الغربات الخمس الأليمة الحزينة التي ألقتْها على كاهلي هذه الدنيا الغريبة، بل هي أصدقائي ومؤنسي حتى وإنْ كنتُ في السجن أو في القبر، وإنني بحرماني منها أوشِك أن أقع في غربةٍ سادسةٍ لا تطاق، فإياكم وزفراتِ عذابِ هذه الغربة المُضْنِية.

***

* أطالب رئيسَ المحكمة وأعضاءَها بحقٍّ مهمٍّ من حقوقي

وهو أني لستُ وحدي موضوعَ البحث في هذه القضيَّة حتى تُحَلَّ بتبرئتكم إياي بعد اطِّلاعِكم على حقيقة الحال؛ فلقد أصبح أهلُ العلم وأهلُ التقوى بشخصهم المعنويُّ موضعَ اتهامٍ بنظر الشعب في هذه القضيَّة، وأصبحت الحكومة تنظر إليهم نظر الشكِّ والرِّيبة، وبات لزامًا عليهم أن يعرفوا كيف يتجنَّبون المخططات الضارَّةَ المُهلِكة.

ولهذا، فإنني أطلب أن يُطبَع القسمُ الأخير من دفاعي الذي كتبتُه بنفسي، ويُنشَر بالحروفِ الجديدة اللاتينية؛ لكيلا يَنجرَّ أهلُ العلم والتقوى إلى فخ المؤامرات التي تُرسَم لهم، وليجتنبوا الوقوع في مثل هذه المخططات الضارَّة المُهلِكة، ولِتتخلَّصَ الحكومة